وتعالى بألف مليار دولار، في ظرف عشرية ونصف، يجد نفسه على مقربة من الإفلاس، ما لم ترتفع أسعار النفط من جديد؟
الحكومات المتعاقبة، منذ ارتفاع أسعار النفط، وهي فترة تزامنت مع وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، فشلت فشلا ذريعا في تحقيق التنمية المستدامة، مثلما فشلت في بناء اقتصاد قائم على خلق الثروة والقيمة المضافة، وفشلت، رغم الأموال الطائلة والبحبوحة، في إدخال السعادة إلى نفوس الجزائريين، وفشلت في إرساء دولة القانون والحق و”الدولة المدنية” (الشعار الغالي على عمار سعداني).. وفشلت أيضا في تطوير المنظومة التربوية وعجزت عن تكريس مبدأ استقلالية القضاء، مثلما فشلت في استعادة “سمعة الجزائر في الساحة الدولية”..
الحكومات المتعاقبة نجحت، بالمقابل، في كسر شوكة المعارضة وفي إدارة الانقلابات داخل الأحزاب السياسية، سواء كانت موالية أو معارضة، وأسقطت قيمة العملة الوطنية إلى الحضيض، ودجّنت الصحافة الوطنية بفضل الاحتكار غير القانوني للإشهار ووسائل الطبع وعدم تحرير الموجات التي تسمح للجزائريين مثل باقي سكان المعمورة، بإطلاق قنوات إذاعية وتلفزيونية في بلدانهم.. وهي عازمة على مواصلة هذا النهج الغريب مع الصحف التي لم تدخل بيت الطاعة بعد، وأقصد هنا “الخبر” و”الوطن” و”ليبرتي”.
الحكومات المتعاقبة، التي يجهل وزراؤها أبجديات التسيير العقلاني، لجأت إلى شراء الذمم والسلم الاجتماعي بأموال البترول، وعندما أفرغت “الخزينة” ها هي تلجأ إلى الجزائريين لتمويل مشاريعها، وقد تلجأ إلى الاستدانة الخارجية لتغطية عجز ميزان المدفوعات والميزان التجاري ووارداتها من مأكل وملبس ومشرب ودواء.
الحكومات المتعاقبة تتقن جيدا شراء الذمم واستعمال وسائل الترغيب، وإذا فشلت لجأت إلى البلطجة والترهيب والتهديد والوعيد... وهو ما فعله الوزير بوشوارب مع رئيس مجمّع “سيفيتال”، إسعد ربراب، بمنعه من المشاركة في المنتدى الاقتصادي الجزائري البريطاني، في خطوة غريبة وغير محسوبة.. لما ستخلفه من عواقب ومساس بسمعة البلاد في الساحة الاقتصادية الدولية.. وهو كذلك ما فعله الأمين العام للأفالان، عمار سعداني، لما خرج علينا بتصريح غريب وتهديد غير مقبول، عندما خيّر السيد ربراب بين ممارسة السياسة أو ربح المال...
وهو أيضا ما فعله الوزير حميد ڤرين مع “الخبر”، منذ توليه حقيبة الاتصال، إلى درجة أنه قال بالحرف الواحد: إذا أقدمت العدالة على غلق “الخبر” يتعيّن علينا جميعا احترام هذا القرار... وكأن القانون الذي حضّرته وزارة ڤرين وصوّت عليه نواب البرلمان بغرفتيه ووقعه رئيس الجمهورية يحمل مواد تقضي بغلق الصحف.
هذه بعض العيّنات التي تؤكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أن النظام الجزائري فاشل على كل المستويات: فاشل عندما تكون خزينة الدولة مملوءة، وفاشل عندما يقود البلاد إلى الإفلاس...
لنا أن نرجو في الأخير أن لا يحاكمنا ڤرين على هذه الخواطر بحجة “تسويد” صورة البلاد.. فهي سوداء في الأصل.
No comments:
Post a Comment