عنـــ جمال العلامي ..
من أجمل الصور هذا العام، تزامن عيد الاستقلال مع عيد الفطر،
وبين العيدين الوطني والديني، تلتقي فرحة الجزائريين وتتقاطع مودتهم
وتضامنهم، وفيهما يتذكران ويكرّسان التكافل والتعاون والمودة والرحمة،
وفيهما يجب ألا تظهر الفوارق والشقاق، لكن كلمات حقّ يجب أن يقولها القائل
في عيدين عزيزين على قلوبنا جميعا:
في عيد الشباب، صحّ عيد كلّ البطالين الذين بحثوا عن
وظيفة فلم يعثروا عليها ولم تعثر عليهم، وصحّ عيد كلّ الشباب من الموظفين
الذين يُطاردون لقمة العيش أطراف النهار وآناء الليل، وصحّ عيد كلّ شاب
أراد الباءة ولم يستطع، وكلّ شاب يُريد أن يُساعد "شيخ" ولم يقدر!
في عيد الاستقلال، صحّ عيد كلّ مجاهد يشعر بالحقرة والتهميش، وصحّ
عيد كلّ أرملة شهيد أنهكها النسيان، وكلّ ابن شهيد طاله التمييز أو
الإقصاء، وصحّ عيد كلّ المجاهدين الذي كانوا ينتظرون الأحسن، وصحّ عيد كلّ
الجزائريين الذين ضحوا بالنفس والنفيس لمحاربة فرنسا وطرد الاستعمار، لكنهم
واجهوا خلال سنوات الاستقلال مرارة الحياة وعلقم الدنيا!
في عيد الفطر، صحّ عيد كلّ الصائمين الذين صاموا إيمانا واحتسابا،
وصحّ عيد المعوزين وعابري السبيل الذين أفطروا على لقمة وشربة ماء، وصحّ
عيد كلّ الفقراء الذين يعرفون الصوم جيّدا لأنهم صائمون طوال العام، وصحّ
عيد اللاجئين الهاربين من الحروب والموت!
صحّ عيدكم أيها المزلوطون ممّن صرفتم الباقي المتبقي من بقايا
الدنانير على "بطونكم" وواجهتم نار الأسعار التي أشعلها التجار عديمو الذمة
بكلّ وقار، وصحّ عيد الموظفين المضروبين في جيوبهم نتيجة الأجرة الزهيدة
التي ينتظرها آخر أو أول كلّ شهر لتخرج وكأنها لم تدخل!
صحّ عيدكم أيها المحتاجون الذين تزاحمتم في "الطابور الخامس"
للظفر بقفة رمضان معبأة بمواد فاسدة ومنتهية الصلاحية، استحوذ عليها في
الأخير أميار وانتهازيون و"سرّاق" لا يخشون الله في "العواشير"، ولا في
غيرها من الشهور الهجرية والميلادية، وصحّ عيد كلّ مؤمن مصاب مدّ يده أمام
الجوامع والسواق للحصول على رزق حلال!
صحّ عيد التجار الذين لم يمدّوا أيديهم وأرجلهم في جيوب
المستهلكين خلال شهر التوبة، وبمناسبة العيد، فرضوا بالقليل وقنعوا فشبعوا،
وصحّ عيد المحسنين وناس الخير ممّن ساهموا في كفكفة دموع الأرامل والأيتام
والمعذبين، وصحّ عيد المتطوّعين في مطاعم الرحمة والطرقات لإفطار
الصائمين، وصحّ عيد الأئمة الذي صلوا بالمصلين التراويح وتضرعوا لله وباسم
كلّ الجزائريين.
..صحّ عيدكم جميعا، ودون استثناء، أعاده الله علينا بالخير
واليُمن والبركات، وتقبّل منا ومنكم الصيام والقيام.. "والحمد لله ما بقاش
الاستعمار في بلادنا".
No comments:
Post a Comment