السلام عليكم شباب
عن حسين لقرع
ما يتسرّب هذه الأيام من أخبار عن "إصلاح البكالوريا" لا يبعث قطّ على الارتياح، إذ يتبيّن من النقاش بين وزارة التربية وشركائها الاجتماعيين أن هذا "الإصلاح" ذو خلفيةٍ إيديولوجية تتغطى بثوبٍ تربوي علمي زائف؛ فبذريعة "التخفيف عن الطلبة" تقترح الوزارة تقليص أيام امتحان البكالوريا من 5 أيام إلى 3 فقط، وهذا للتغطية على قرار إلغاء بعض مواد الهوية من الامتحان وفي مقدِّمتها التربية الإسلامية.
الواضح أن الوزيرة بن غبريط رمعون قد وضعت التربية الإسلامية وباقي مواد الهوية الوطنية نصب عينيها ولن يهدأ لها بال حتى تتمكّن من تهميشها وتقزيمها، ولن تعدم الحِيل لتحقيق ذلك إذا لم يقف المجتمع وقفة رجل واحد ضدّ مخططها المشبوه.
في البداية كانت مؤامرة تقزيم معامل التربية الإسلامية وحجمها الساعي، وحينما كُشفت للعلن، قالت الوزارة إنه مجرَّد "خطإ تقني"، ثم كانت مؤامرة إلغاء امتحان هذه المادّة في بكالوريا الشعب العلمية بثانوية بوعمامة، وحينما كشفها المخلصون أيضاً، قدّمت الوزارة الذريعةَ الواهية ذاتها، والآن يتمّ اقتراحُ إلغائها في بكالوريا مختلف الشعب العلمية والرياضية بذريعة "التخفيف عن تلاميذ البكالوريا".. ألا يدلّ هذا على أن حكاية "الأخطاء التقنية" لم تكن سوى بالونات اختبار تهدف إلى قياس ردود أفعال المجتمع قبل اتخاذ قرار تهميش التربية الإسلامية في البكالوريا وبالتالي دفع طلبة الشعب العلمية إلى العزوف عن دراستها؟
وحتى طلبة الشعبة الأدبية بإمكانهم أن لا يُمتحنوا فيها؛ فقد "اقترحت" الوزارة على نقابات التربية، حسب ما تسرّب إلينا من أخبار، أن يختار طلبة الأدب بين الامتحان في التربية الإسلامية أو الأمازيغية؛ أي أن الاختيار سيكون بين مادتين أساسيتين من مواد الهوية الوطنية، فهل تدرك الوزارة خطورة ما تفعل؟! لماذا لا يُمتحن طلبة البكالوريا آداب في المادتين معاً؟ لماذا يجب عليهم أن يختاروا بين مادتين تشكِّلان، رفقة العروبة، عناصر الهوية الجزائرية؟! أليس هذا تقسيما للمجتمع ودفعا بأبنائه إلى الاصطفاف على أسُس دينية ولغوية بدافع التعصّب لهذا العنصر أو ذاك؟ لماذا يُدفع جزائريون إلى الانحياز للدين وآخرون إلى الانحياز للّغة؟
الأمر يتعلق بمجرّد اقتراحات الآن، ولكننا نتمنى أن لا يتمّ إقرارُها وتنفيذها، فإذا كان إصلاح البكالوريا سيُفضي إلى تهميش مواد الهوية وتقسيم الجزائريين فبئس الإصلاح هو، ولتبقَ الأمور على حالها وليُمتحن الطلبة 5 أيام، وفي معظم المواد كما هو الحال الآن.
إن إصلاحاً يتمّ على حساب أيّ عنصر من عناصر الهوية الوطنية، أو يدفع الجزائريين إلى الاصطفاف مع هذا العنصر أو ذاك، هو إفسادٌ بين الجزائريين وليس إصلاحاً، ولا يُرجى منه خير. إنه اقتراحٌ غير بريء بالمرّة، وينمّ عن خبث ومكر شديدين، وسترتكب ورشة إصلاح البكالوريا جريمة كبرى في حق الأجيال إذا وافقت عليه.
No comments:
Post a Comment