سكيكدة تاريخ وحضارة: روسيكادا كنز أركيولوجي مدفون وجمال أخّاذ
"روسيكاد"، اسم أطلقه الفينيقيون على مدينة سكيكدة التي تقع في الجزء الشرقي للجزائر العاصمة.
مدينة في غاية الروعة والجمال، تتميّز بسحر أخّاذ ممزوج بين دفء الطبيعة الهادئ المتداخل بين الشريط الساحلي الطويل والطابع الغابي المتميز لذلك، ما جعلها محل أطماع العديد من الإمبراطوريات القديمة.
تاريخ تأسيسها
في الأصل أسسها الفينيقيون ما بين القرنيين 11 و12ق. م، فقاموا ببناء مرافئ تجارية فيها مثل (تصف تصف) الصفصاف حاليا، استروا (ستروا)، و روسيكاد بمعنى (رأس المنارة).
أبرز الحضارات التي استقرت فيها
مدينة نصفها لا يزال مدفونا بعدما استقر فيها حضارتين مختلفتين الفينيقية والرومانية تاركين وراءهم أثارا ضخمة تترجم الحياة الدينية والمدنية وحتى العسكرية لتلك الشعوب.
رغم مرور قرون على قيام تلك الحضارات، غير أن دلائل وجودهم وازدهار حضارتهم تظهر جليًا في مجموعة هائلة من مبان تتمثل في الفوروم الروماني، أي الساحة العامة وسط مدينة روسيكاد كما أقام الرومان جسورا ضخمة مبنية بصخور كبيرة، أيضا أنشؤوا معابد لآلهتهم المتمثلة في فينوس، جوبتر وأبولو، بالإضافة إلى أوسع مسرح روماني في شمال إفريقيا والمغرب العربي الذي يتسع لحوالي 6000 أف متفرّج.
"روسيكاد" كانت من أبرز ممتلكات الملك النوميدي "ماسنيسا"، فازدهرت كثيرا خلال هذه الفترة وبعد سقوط نوميديا 105ق.م، أصبحت روسيكاد مستعمرة رومانية وسمّيت بـ "كولونيا فينير يا روسيكادا"، وأصبحت من أهم المدن في الكونفدرالية الرومانية كقيرتا (قسنطينة) ميلاف (ميلة) وشولو (القل)، غير أنها لم تسلم من همجية الوندال الذين عاثوا فيها دمارا رهيبا، وهدمت لمرتين عام 439م ودمرت تماما عام 533م .
"روسيكاد" هكذا أحبذ نطق اسمها، سحر بمعنى الحقيقي طبيعة خلاّبة، تاريخ عريق، أطول شريط ساحلي يمتد على مسافة 140كلم، تجارة واقتصاد، فمن لم يزرها لا يستطيع أن يعرف أو يصف مدى سحرها المرهون ما بين الطبيعة وشواطئها الدافئة.
لو اعتنى بها الباحثون الأثاريون أكثر وأقاموا حفريات واسعة ومكثفة لأبرزوا تلك المدينة الأسطورة المدفونة تحت المدينة الجديدة، ولعرفنا الحقيقة التاريخية لهذه المدينة بشكل أكثر وأعمق، ولكن لتحقيق ذلك يجب تسخير جهود مادية وعلمية كبيرة لتحقيق الأهداف المنشودة والمتمثلة في إبراز شواهد تاريخية أكثر والمتعلقة بالحضارات التي شهدتها "روسيكادا".
الجزائر: س.يوسفي
تعليقs
حاليا هذه المقالة لم تتلق بعد تعليقات
No comments:
Post a Comment