هفّ تعيش!
صدّقوا أو لا تصدّقوا، موظف "كحيان" يتقاضى 30 ألف دينار، ولا
يملك حتى "بيدون وبالة وبرويطة"، يطمع في إسكان مئات وربما آلاف المواطنين
الذين يعانون من أزمة السكن، لكن الغريب في الموضوع، هو من الذي مكّن أمثال
هؤلاء من المشاريع؟ وكيف منحها لهم؟ وهل من المعقول منح "الصفقات" هكذا
بمجرّد توفر وثيقة "هفّ تعيش"؟
"المقاول" إياه، توقف عن وظيفته الأصلية، وبدأ يلهث وراء "الحلم"،
لكن سرعان ما تحوّل إلى سراب، وفشل المشروع، وتحوّل إلى كابوس، وبدأ
المكتتبون الذين دفعوا الشطر الأول من سكنهم، يبحثون عنه ويطاردونه،
ويُطالبونه بالسكن أو بمالهم.. لكن الموظف المقاول، فشل وأفلس، وعاد في آخر
المطاف إلى وظيفته الأصلية، على الأقل ليضمن أجرة مستقرّة، لكن بعد ماذا؟
هذا نموذج فقط، لمرقين ومقاولين، بالاسم أو على الورق فقط، ولذلك
توقفت وتعطلت أكثر من نصف مليون شقة من صيغة الاجتماعي التساهمي، وفرّ
الكثير من المتورّطين بعد ملاحقات قضائية، وضاع آلاف المساكين، بعدما
ضيّعوا حلمهم وما يملكونه من أموال !
من الطبيعي أن تزلزل الأرض زلزالها، وتخرج أثقالها، ويقول
المشبوهون والمتورّطون مالها، فلو التزم المعنيون "الفائزون" بالصفقات خلال
سنوات "الأزمة"، وأكثرهم استفاد منها تحت الطاولة، لو التزموا بآجال
الإنجاز، وتجنبوا النصب والاحتيال، لما تفاقمت محنة السكن وتمدّدت رقعتها،
وصعُب حلها، رغم كلّ الجهود والبدائل المطروحة!
قديما قالوا: "أشـّي ألـّي خاطيك يعيّيك"، ولذلك يكاد آخر عاقل أن
يخنق نفسه آخر شعرة في رأس أيّ "فرطاس" يُصادفه في طريقه، عندما يعلم بتلك
العيّنة التي كرّسها مجرّد "شهـّار" ارتدى في لحظة طمع "برنوس" مقاول أو
مرقّ، أعتقد أن الحالة "ساهلة ماهلة" ليصطدم بالواقع!
مشاريع الـlsp
يتحمّل مسؤوليتها بشكل مباشر، وليس في ذلك تحامل ولا اختراع، الولاة
والأميار والوكالات العقارية المحلية، وأيضا مقاولون ومرقون - وليس كلهم
طبعا لأن هناك نماذج ناجحة- ولمن أراد أن يسمع التجربة المريرة، فلينزل إلى
البلديات ليكتشف المهازل ومأساة آلاف الجزائريين الذين ينتظرون منذ عدّة
سنوات، والمؤلم أن بعضهم قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا!
No comments:
Post a Comment