صور سماحة الإسلام مع
غير المسلمين
الشّيخ زين
الدّين العربي عضو المجلس العلمي بولاية الجزائر
إنّ قوة الدّين الإسلامي وسلامة قواعده وتنوّع أساليبه
أوجدت مجالاً خصبًا للحوار والحريّة والإبداع في المجتمع المسلم، وإنّ مَن يأخذون
ببعض النّصوص من الكتاب والسنّة ويريدون تطبيقها في معاملة غير المسلمين يخطئون في
فهم منهج الإسلام وطبيعته ومرونته وسعته.
في ظلّ هذا المفهوم العام للإحسان مع غير المسلمين كان هديه صلّى الله عليه وسلّم، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلاً سهلاً. قال النووي: أي سهل الخُلُق كريم الشّمائل لطيفًا ميسّرًا في الخُلُق.
وتعدّد صور السّماحة في هدي سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع غير المسلمين، وشواهد ذلك من سيرته لا تحصر، أذكر منها:
رحمته صلّى الله عليه وسلّم بالخَلق عامّة، وهو الّذي قال الله عزّ وجلّ عنه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، فكان صلّى الله عليه وسلّم الرّحمة المُهداة إلى الخلق كلّهم، وحثّ على العطف على النّاس ورحمتهم فقال عليه الصّلاة والسّلام: “لا يرحم الله مَن لا يرحم النّاس”، وكلمة النّاس هنا تشمل كلّ أحد من النّاس، دون اعتبار لجنسهم أو دينهم.
وجاءت النّصوص في باب الرّحمة مطلقة، وقد ساق البخاري في باب رحمة النّاس والبهائم حديث سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما من مسلم غرس غرسًا فأكل منه إنسان أو دابّة إلاّ كان له صدقة”، فدين الإسلام دين السّماحة والرّحمة ويسع النّاس كلّهم ويغمرهم بالإحسان.
تجاوزه صلّى الله عليه وسلّم لمخالفيه من غير المسلمين، فقد قدم الطُّفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه فقال: يا رسول الله، إنّ دَوْسًا قد كفرت فادْعُ الله عليها، فقيل هلكت دوس –ظنًّا بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما رفع يديه للدّعاء عليها- فقال صلّى الله عليه وسلّم: “اللّهمّ اهْدِ دوسًا وائتِ بهم”، ودعاء سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمّ أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كنتُ أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أكره، فأتيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أبكي، فقلتُ: يا رسول الله، إنّي كنتُ أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبَى عليّ، فدعوتُها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادْعُ الله أن يهدي أمّ أبي هريرة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: “اللّهمّ اهْدِ أمّ أبي هريرة” فخرجتُ مستبشرًا بدعوة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم. وكان اليهود يتعاطسون عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فلم يحرمهم من الدّعوة بالهداية والصّلاح.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يقبل هدايا مخالفيه من غير المسلمين، فقبل هدية زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم في خيبر حيث أهدت له شاة مشوية قد وضعت فيها السم. وقد قرّر الفقهاء قبول الهدايا من الكفّار بجميع أصنافهم حتّى أهل الحرب، قال ابن قُدامة المقدسي في المغني “ويجوز قبول هدية الكفّار من أهل الحرب لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل هدية المقوقس صاحب مصر”.
وكان من سماحة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يخاطب مخالفيه باللّين من القول تأليفًا لهم، كما تظهر سماحة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع غير المسلمين في كتبه لهم، حيث تضمّنت هذه الكتب دعوتهم إلى الإسلام بألطف أسلوب. وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُعامِل مخالفيه من غير المسلمين في البيع والشّراء والأخذ والعطاء، فعن سيّدتنا عائشة رضي الله عنها قالت “توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين” يعني صاعًا من شعير.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يأمُر بصِلة القريب وإن كان غير مسلم، فقال لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: “صِلِي أمَّك”. وفي خلافة أبي بكر رضي الله عنه، كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه في عقد الذمّة لأهل الحِيرَة بالعراق، وكانوا من النّصارى، “وجعلتُ لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيًا فافتقر وصار أهل دينه يتصدّقون عليه، طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله”. وكان أبو بكر رضي الله عنه يوصي الجيوش الإسلامية بقوله “وستمرّون على قوم في الصّوامع رُهبانًا يزعمون أنّهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تَهدموا صوامعهم”. ومرّ سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه وقال: من أيّ أهل الكتاب أنتَ؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثمّ أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظُر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شيبته ثمّ نخذله عند الهرم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ}.
وصلّى سلمان الفارسي وأبو الدّرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية فقال لها أبو الدّرداء رضي الله عنه: هل في بيتك مكان طاهر فنُصلّي فيه؟ فقالت: طهّرَا قلوبكما ثمّ صلّيَا أين أحببتما، فقال له سلمان رضي الله عنه: “خُذها من غير فقيه”.
في ظلّ هذا المفهوم العام للإحسان مع غير المسلمين كان هديه صلّى الله عليه وسلّم، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلاً سهلاً. قال النووي: أي سهل الخُلُق كريم الشّمائل لطيفًا ميسّرًا في الخُلُق.
وتعدّد صور السّماحة في هدي سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع غير المسلمين، وشواهد ذلك من سيرته لا تحصر، أذكر منها:
رحمته صلّى الله عليه وسلّم بالخَلق عامّة، وهو الّذي قال الله عزّ وجلّ عنه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، فكان صلّى الله عليه وسلّم الرّحمة المُهداة إلى الخلق كلّهم، وحثّ على العطف على النّاس ورحمتهم فقال عليه الصّلاة والسّلام: “لا يرحم الله مَن لا يرحم النّاس”، وكلمة النّاس هنا تشمل كلّ أحد من النّاس، دون اعتبار لجنسهم أو دينهم.
وجاءت النّصوص في باب الرّحمة مطلقة، وقد ساق البخاري في باب رحمة النّاس والبهائم حديث سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما من مسلم غرس غرسًا فأكل منه إنسان أو دابّة إلاّ كان له صدقة”، فدين الإسلام دين السّماحة والرّحمة ويسع النّاس كلّهم ويغمرهم بالإحسان.
تجاوزه صلّى الله عليه وسلّم لمخالفيه من غير المسلمين، فقد قدم الطُّفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه فقال: يا رسول الله، إنّ دَوْسًا قد كفرت فادْعُ الله عليها، فقيل هلكت دوس –ظنًّا بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما رفع يديه للدّعاء عليها- فقال صلّى الله عليه وسلّم: “اللّهمّ اهْدِ دوسًا وائتِ بهم”، ودعاء سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمّ أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كنتُ أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أكره، فأتيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أبكي، فقلتُ: يا رسول الله، إنّي كنتُ أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبَى عليّ، فدعوتُها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادْعُ الله أن يهدي أمّ أبي هريرة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: “اللّهمّ اهْدِ أمّ أبي هريرة” فخرجتُ مستبشرًا بدعوة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم. وكان اليهود يتعاطسون عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فلم يحرمهم من الدّعوة بالهداية والصّلاح.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يقبل هدايا مخالفيه من غير المسلمين، فقبل هدية زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم في خيبر حيث أهدت له شاة مشوية قد وضعت فيها السم. وقد قرّر الفقهاء قبول الهدايا من الكفّار بجميع أصنافهم حتّى أهل الحرب، قال ابن قُدامة المقدسي في المغني “ويجوز قبول هدية الكفّار من أهل الحرب لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل هدية المقوقس صاحب مصر”.
وكان من سماحة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يخاطب مخالفيه باللّين من القول تأليفًا لهم، كما تظهر سماحة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع غير المسلمين في كتبه لهم، حيث تضمّنت هذه الكتب دعوتهم إلى الإسلام بألطف أسلوب. وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُعامِل مخالفيه من غير المسلمين في البيع والشّراء والأخذ والعطاء، فعن سيّدتنا عائشة رضي الله عنها قالت “توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين” يعني صاعًا من شعير.
وكان صلّى الله عليه وسلّم يأمُر بصِلة القريب وإن كان غير مسلم، فقال لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: “صِلِي أمَّك”. وفي خلافة أبي بكر رضي الله عنه، كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه في عقد الذمّة لأهل الحِيرَة بالعراق، وكانوا من النّصارى، “وجعلتُ لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيًا فافتقر وصار أهل دينه يتصدّقون عليه، طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله”. وكان أبو بكر رضي الله عنه يوصي الجيوش الإسلامية بقوله “وستمرّون على قوم في الصّوامع رُهبانًا يزعمون أنّهم ترهبوا في الله فدعوهم ولا تَهدموا صوامعهم”. ومرّ سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه وقال: من أيّ أهل الكتاب أنتَ؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثمّ أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظُر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شيبته ثمّ نخذله عند الهرم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ}.
وصلّى سلمان الفارسي وأبو الدّرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية فقال لها أبو الدّرداء رضي الله عنه: هل في بيتك مكان طاهر فنُصلّي فيه؟ فقالت: طهّرَا قلوبكما ثمّ صلّيَا أين أحببتما، فقال له سلمان رضي الله عنه: “خُذها من غير فقيه”.
No comments:
Post a Comment