رسالة قوية تداولتها ألسن بطالين في معرض التوظيف: "على وجه ربي لا ترموا ملفاتنا في الزبالة"، وهذا النداء هو صرخة موجهة إلى الضمائر الحية، حتى تذوب "الحقرة" وتبتعد عمليات التشغيل عن شبهة "التبهديل" ولا تبقى ملاحقة بلعنة "المعريفة".
من حقّ بقايا العمال، إن يخافوا على مصيرهم المهني والعمّالي، في ظلّ أزمة مالية أصبحت خانقة، موازاة مع "نصائح" صندوق الأفامي الذي لم يعد يفرّق بين خدمة العمال وتشميع المصانع بالخوصصة والابتزاز والتقارير الرامية إلى الضغط وشراء المؤسسات بالدينار الرمزي!
لم تعد أعياد الفاتح ماي مدعاة للذكرى والتذكر، فقد أنهكت الأسعار وانهيار القدرة الشرائية، ولقد زادت الضائقة المالية المنجرّة عن أزمة البترول وتداعيات التقشف، زادت من الخنق والدفع نحو الموت البطيء أو الانتحار، ولذلك أصبح العمال قاب قوسين أو أدنى من الرعب المستمر!
"على وجه ربيّ".. لا تقطعوا الأرزاق، فهو لا يختلف كثيرا عن قطع الأعناق، والذين عاشوا سنوات المأساة الوطنية، يلمسون مثل هذا التشبيه، عندما كان الإرهاب يهدد حياتهم، وكان بالمقابل الأفامي يتوعّدهم بغلق بقايا المصانع وتشريد العمال في زمن المحنة!
"على وجه ربّي".. أعيدوا الأمل لآلاف الشباب، ممّن يُريدون في الفاتح ماي، أن يصبحوا جزءا من قوائم العمال، ويتحرّرون من قوافل "الشومارة"، التي أنهكتهم وضربت كبرياءهم وكرامتهم، وتجعلهم تابعين وليسوا متبوعين، حتى وإن كان ذلك لأوليائهم وأفراد من عائلاتهم!
"على وجه ربّي".. أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه، حتى لا تتعاظم المشكلة ويرقد هؤلاء وأولئك على الخط، ويزعم كلّ طرف أنه صاحب الحق، وأنه ها هو قاعد إلى أن تسوّى وضعيته، دون أن يعلم أو يعمل، وتروح بالتالي قيمة العمل "في كيل الزيت"!
"على وجه ربّي".. تجاوزوا "المعريفة" والمحسوبية حتى لا تنتصر الرداءة على الكفاءة، ويصبح العامل أو الموظف مجرّد "بطـّال" يسيطر على منصب عمل "شاغر"، أو وظيفة لا يستحقها، فلا يقدر أن يعطيها ما يجب، وإذا أعطاها فإنه يُعطيها "فوق القلب" وهمّه راتب آخر الشهر!
"على وجه ربّي".. احترموا العمل والوقت، ولا تغتالوا هدفه، وتحوّلوه إلى مصدر واحد ووحيد لتلقي مقابل مالي، فتصبح مناصب الشغل على اختلافها، منابع لتكريس "شدّ مدّ القرض مات"، وبعدها من الطبيعي أن تتعمّم المقولة التي يرددها "الخدامة": أنا متوجه للعمل.. عوض: أنا متوجه من أجل العمل.. فعلى وجه ربّي، ردّوا الاعتبار للعمل في عيد العمال!