blog spot

Wednesday, March 30, 2016

نماذج اسئلة مسابقة توظيف اساتذة التعليم الثانوي 2016


نماذج اسئلة مسابقة توظيف اساتذة التعليم الثانوي 2016

بسم الله الرحمن الرحيم
تحضيرا لمسابقة اساتذة التعليم 2016 سوف تشرع مدونة التربية و التعليم بتقديم نماذج أسئلة مسابقات توظيف الأساتذة حتى تقوموا بالتحضير الجيد للمسابقة ان شاء الله
و في هذا الموضوع نقدم لكم نماذج لمادة الرياضات لمسابقة الاسااتذة للطور الثانوي للسنوات 2001-2003-2009
نماذج اسئلة مسابقة توظيف اساتذة التعليم الثانوي 2016 مادة الرياضيات
نماذج اسئلة مسابقة توظيف اساتذة التعليم الثانوي 2016 مادة الرياضيات
 

نمــاذج الإمتحانـــات السابقـــة

الطـــــــور الثانــــــــــــــوي:
الرياضيات 
**************************************************

الفزياء: 
**************************************************

اللغة الاٍنكليزية الثانوي
**************************************************

التربية البدنية
**************************************************




علوم إسلامية 
**************************************************
سنة 2004
تحميل


علوم طبيعة  
**************************************************


اقتصاد  
**************************************************
سنة 2009
تحميل

تحميل


 

اللغة الفرنسية:
************************************************
سنة 2009
تحميل
بالتوفيق و النجاح
و لا تنسوا الدعاء لجميع من شارك في رفع هذه المواضيع لأنها منقولة من منتديات اخرى 
وبارك الله فيكم 

اسئلة مواضيع مسابقة اساتذة التعليم المتوسط 2016

اسئلة مواضيع مسابقة اساتذة التعليم المتوسط 2016

تحضير لمسابقة توظيف اساتذة التعليم المتوسط 2016 في جميع المواد حيت ممدت وزيرة التربية الوطنية تاريخ البدء في المسابقة من أجل التحضير الجيد بما أن المسابقة علي إختبار كتابي يجتاز فيه المشاركين في مختلف المواد بالنسبة للأسئلة مواضيع مسابقة اساتذة التعليم المتوسط 2016 التي نقدمها لكم لفي موضوعنا علي موقع عرب سكول من أجل تحضير جيد للمسابقة للنجاح والتفوق لمن أجتهد.


اسئلة مواضيع مسابقة اساتذة التعليم المتوسط 2016  ..

المواد : 
  • لغة عربية
  • لغة انجليزية
  • لغة فرنسية
  • رياضيات
  • تاريخ و جغرافيا
  • تربية اسلامية
  • تربية مدنية
  • علوم طبيعية
  • فيزياء
موضوع في اللغة الفرنسية لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 لغة فرنسية
موضوع في اللغة الانجليزية لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 لغة انجليزية
موضوع في التربية المدنية لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 تربية مدنية
موضوع في التربية الاسلامية لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 تربية اسلامية
موضوع في التاريخ و الجغرافيا لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 تاريخ و جغرافيا
موضوع في علوم الطبيعة و الحياة لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 علوم الطبيعة و الحياة
موضوع في علوم فيزيائية و تكنولوجيا لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 علوم فيزيائية و تكنولوجيا
موضوع في رياضيات لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 رياضيات
موضوع في لغة عربية لتحضير مسابقة استاذ التعليم المتوسط 2016 لغة عربية
 
  • تحميل الاجابات

  • من الأفضل أن تقوم بمحاولة حل هذه المواضيع قبل ان تقوم بتحميل الاجابات
  • انجليزية
    لغة عربية
    تربية مدنية
    تربية اسلامية
    لغة فرنسية
    تاريخ و جغرافيا
    رياضيات
    فيزياء
    علوم الطبيعة و الحياة 
  • Thursday, March 24, 2016

    تحميل رواية أحببتك أكثر مما ينبغي ..

     تجري الأيام سريعا ..أسرعً مما ينبغي .. ! .. ظننتُ بأننا سنكون في عُمرنا هذا معا .. ! .. وطفلنا الصغير يلعب بيننا .. !! .. لكني أجلس اليوم بجوارك , أندبُ أحلامي الحمقى

    الحجم :4.6 ميغا
    328 صفحة 
    الكاتبة : أثير عبد الله النشمي 

    التحميل 
     

    Wednesday, March 23, 2016

    بإرادتنا... نُعزز الجبهة الداخلية

     ليس هناك من رد على ما يحيط بنا من تهديدات أفضل من تعزيز تماسكنا الداخلي وقوتنا الذاتية. كل السيناريوهات المتعلقة بإعادة ترتيب المنطقة، ومختلف الأدوات التي يجري استخدامها لتحقيق ذلك، تبقى رهينة ضعف أو قوة الجبهة الداخلية... لم يعد أمامنا من بديل اليوم سوى تعزيز تماسكنا الداخلي من خلال الابتعاد عن مناطق الظل التي تَصنعها الكثير من الشعارات، والاقتراب من نقاط القوة المشتركة التي وَحدنا نَصنُعها بمزيد من التنازل لبعضنا البعض...
    نحن لا نعيش فقط حالة تحول وانتقال طبيعي من وضع إلى وضع، إنما نعرف تقاطعا كبيرا بين حالة من التحول الطبيعي والتلقائي الداخلي وتلك التي تريد فرضها قوى أجنبية لها مصالح كبيرة في إعادة ترتيب المنطقة. بمعنى آخر إننا نعيش تحولات متسارعة على أكثر من صعيد، تكون طبيعية في حالة ما إذا استمرت وفق منطلقاتها الذاتية، وتتحول عن مسارها أو تُوجَّه نحو مسار جديد بمجرد أن تُصبح جزءا من إستراتيجية الآخرين أو تتطابق مع أجندتهم الخاصة.
    الكل يعلم اليوم أننا نعيش في منطقة هي في ذات الوقت  جزءا من مجال التنافس العالمي، ومصدرَ قلق لكثير من الدول الكبرى... الأمريكيون يضعوننا ضمن خارطة الشرق الأوسط الكبير والأوربيون يتصرفون معنا كمستعمرات قديمة مازالوا في حاجة إلى ثرواتها وأسواقها. ونحن، بينهما لا نكاد نعرف السبيل الذي يحقق مصالحنا. في كل مرة يتم تنويع أدوات وأشكال الصراع المحيط بنا، وفي كل مرة يتم ابتكار مبررات جديدة للتدخل في شؤوننا، من نشر الديمقراطية بكل ما ارتبط بها من شعارات وتغييرات، إلى منع انتشار التطرف الديني، إلى محاربة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وصولا إلى الخوف مما أطلقوا عليه اسم "داعش"... جميعها كانت ومازالت تعد مبررات للآخر لمحاولة فرض سياسات من شأنها إعاقة تطورنا الطبيعي، بل ومَنعنا من أن نصل إلى صياغة مشروع واضح لمستقبلنا بالكيفية التي نريد.
    لقد تم إعلان الحرب على ليبيا بحجة الإطاحة بـ"الطاغية" وإقامة المجتمع الديمقراطي، وتم لهم ما أرادوا، إلا أن الشعب الليبي أو شعوب المنطقة لم تحقق ما تريد. عكس ذلك، فقد برزت تنظيمات ما انزل الله بها من سلطان، كل واحد منها باسم الإسلام، أو الوطنية، يدَّعي الحق في استثمار نتائج الإطاحة بالنظام السابق لصالحه.. ولعل أكثرها إثارة للجدل والتخوف ما أصبح يُعرف بـ"داعش"، حيث من العدم تحول إلى تنظيم عابر قاري ينتقل بسرعة من بلاد الشام إلى شمال إفريقيا، ويوجد لنفسه أنصارا عابرين للحدود تطلعوا بالأمس إلى محاولة السيطرة على جزء من الأرٍض التونسية وسيتطلعون في القريب العاجل إلى جزء من الأرض الجزائرية إذا لم نقف تجاه ذلك بالمرصاد.
    ولعل هذا ما دفعنا إلى طرح مسألة تعزيز الجبهة الداخلية اليوم بالسرعة الكافية وبالوعي اللازمين.
    وبدون شك فإن القيام بذلك ليس بالبساطة التي نتصور، إذ أن الكثير من الأهداف التي تبدو كتطلعات للداخل بامتياز هي ذاتها الأهداف التي يستخدمها الخارج لتمرير أجندته وأحيانا بذات المفردات ومن غير أي تحوير، وهو ما ينبغي الانتباه إليه بداية...
    لننظر في العبارات - ذات المعنى الذي يبدو إيجابيا - التالية: "الإصلاح ونشر الديمقراطية"، "تحقيق التنمية والديمقراطية"، "الإصلاحات السياسية"، "الانتخابات النزيهة"، "دور متزايد للمجتمع المدني في مراقبة الانتخابات"، "الانتقال الديمقراطي"، " المراقبة الدولية للانتخابات"، "تحقيق الدولة المدنية"، "المزيد من الحرية للمرأة"، "فتح مجال الحريات في جميع القطاعات"... الخ.
     ولننظر من جهة أخرى للعبارات ذات المعنى السلبي التالية: " القضاء على الديكتاتورية"، "تغيير الأنظمة"، "التغيير الشامل"، "رفض حكم الأقلية"، "القضاء على احتكار السلطة"، "إبعاد الدين عن الحياة السياسية"... الخ. ماذا نلاحظ؟
     سنلاحظ  بلا عناء أنها هي ذاتها، في الخطاب الذي شرعت القوى الكبرى في ترويجه منذ بداية الألفية الثالثة، وخطابِ ما عُرف بموجة الربيع العربي وما بعدها... فهل نَزعم أن كل خطاب الربيع العربي ما كان ليزيد عن كونه صدى واضح لمضمون الخطاب الغربي الموجه تجاه شعوبنا بدءا من موجة الإصلاحات التي عرفها العالم في نهاية الثمانينيات وانتهاء بما عُرف بسياسة الشرق الأوسط الكبير التي نادى بها الأمريكيون؟ أم نعتقد أن هناك خطابا داخليا مستقلا نابعا من معاناة ذاتية لا علاقة له بالمحيط الدولي؟ أم نُدرك أن الأمر
    يتعلق بعلاقة تداخل بين الداخل والخارج ينبغي الانتباه إلى مخاطرها؟
    في كل مرة يتم تنويع أدوات وأشكال الصراع المحيط بنا، وفي كل مرة يتم ابتكار مبرّرات جديدة للتدخل في شؤوننا؛ من نشر الديمقراطية بكل ما ارتبط بها من شعارات وتغييرات، إلى منع انتشار التطرّف الديني، إلى محاربة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وصولا إلى الخوف مما أطلقوا عليه اسم "داعش"...
    يبدو أن الافتراض الأخير هو الأصح، ذلك أن الواقع اليوم يُبرز لنا بجلاء كيف أن الخارج بقدر ما يسعى لفرض أجندته يعمل على أن تبدو وكأنها نابعة من الداخل، وكأننا نحن الذين نريد ذلك على الطريقة السورية أو العراقية أو اليمنية او المصرية أو التونسية حتى... ويتم بالتدريج التلاعب بالعقول في الداخل إلى أن يبدو لها وكأنها هي من تدير الصراع، وهي من تَنحت المصطلحات، وهي مَن تسعى لتعزيز الداخل على الخارج.
    ألم تعتقد المعارضة السورية أنها هي من تُحرك الخارج؟ أو لم يتصور الليبيون أنهم هم من سيُجيِّرون تدخل الناتو لصالحهم؟ أو لم يفعلها العراقيون قبلهم؟ واليمنيون بعدهم؟
    لقد حدث ذلك بالفعل وتبين في آخر المطاف أن القرار الذي اعتقد الكثير أنه نابع من الداخل، من العمق الشعبي، إنما هو في محصلة المطاف قرار خارجي بامتياز يخدم مصالح أجنبية عليا وعلى المدى البعيد.
    وهو ما ينبغي الانتباه إليه أكثر اليوم، وقد ازدادت التهديدات من حولنا؟ أن نُفكر بمزيد من الحيطة والحذر في ما يمكن أن يكون غاية خارجية يتم تنفيذها بأياد داخلية من خلال مناورات بالغة التعقيد يصعب الانتباه لها، بل ويصعب الحكم على طبيعتها.
    هل يمكن لليبيين اليوم أن يُميِّزوا بوضوح بين مطالب "داعش"، والإسلاميين الليبيين، والمعارضة المسلحة الأخرى، وما يريده الشعب، وما تريده القوى الدولية كالولايات المتحدة وايطاليا وفرنسا وتركيا وبلدان الخليج العربية؟
    اعتقد أنه من الصعب عليهم ذلك. ولعل هذا ما يجعلنا اليوم ندعو إلى أهمية التمييز بين المطالب الداخلية مهما كانت موضوعية وحقيقية، وبين أن تكون هذه المطالب عناوين أجندات خارجية يصعب إدراكها.
    إننا نعيش اليوم مرحلة حرجة من تاريخنا المعاصر. ففي الوقت الذي نريد القيام بإصلاحات هي من صميم معاناتنا وتطلعنا إلى غد أفضل، يعمل آخرون على جعلها جزءا من سياستهم الكونية التي تخدم مصالحه في آخر المطاف. وشعوبنا ودولنا لا تملك من الإمكانيات ما يمكنها من أن تكون بحق هي سيدة موقفها، إذا استثنينا هذه القدرة على التمييز الفعلي بين ما هو داخلي حقيقي وما هو خارجي، والتي علينا أن نستغلها إلى أبعد الحدود، وإن اقتضى الأمر علينا بمزيد من التنازلات لبعضنا البعض، ومزيد من الاعتراف ببعضنا البعض، حتى نعرف بحق الطريق الذي بإمكانه أن يجنبنا الوقوع في ما وقع فيه غيرنا...
     لقد حدث ما حدث لهم.. و في آخر المطاف هم لا يعرفون إن كان ذلك بإرادتهم أو بغير إرادتهم. 

    تحدّي القراءة.. شعاعُ أمل في زمن الرداءة

     جاءتنا من دبي مبادرة "تحدّي القراءة العربي" منذ مدةٍ وجيزة لتكون بحق شعاع أمل في هذا الزمن، الذي لا تصلنا فيه سوى أخبار الحروب والدماء والانقسامات والصراعات... يتعلق الأمر هذه المرة بتمويل مشروع حضاري في شكل مسابقة من قبل حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم بمئات الآلاف من الدولارات.
    جوائزُ المسابقة في مستوى التحدّي، 150 ألف دولار للتلميذ الأول، ومليون دولار للمدرسة الأكثر مشاركة، منها 100 ألف للمدير، ومثيلتها للمشرِف، و300 ألف دولار للأوائل الآخرين، ومثيلتها للمشرفين وجوائز تكريمية أخرى تصل إلى مليون دولار، فضلا عن أكبر الجوائز على الإطلاق وهي تعليم أبنائنا القراءة ورفع تحدّي قراءة 50 مليون كتاب في السنة.
    مثل هذه المبادرات تُخرِجنا من تلك الحالة البائسة التي عادة ما نصف بها أنفسنا: أمة اقرأ لا تقرأ.. أو الأمة التي يقرأ الفردُ فيها 6 دقائق في السنة (مقابل 6 دقائق في اليوم للأمريكي)، أو التي لا تُنتج سوى 5000 عنوان في السنة (مقابل 35 ألفا في اليابان وحدها)، فضلا عن كل تلك الإحصائيات التي تصنّفنا في ذيل الأمم المُنتِجة للعلم والثقافة والكتاب.
    مثل هذه المبادرات من شأنها أن تُعيد لنا الأمل في أننا يمكن أن نَنهض من خلال العناية بالأجيال الصاعدة انطلاقا من ترسيخ قيمة القراءة لديها، وتعليمها أنها تستطيع الحصول على المعرفة وأيضا على الجوائز والتشجيع والتكريم...
    مثل هذه المشاريع الرائدة والمندرجة ضمن رؤية مستقبلية لا شكّ فيها هي التي من شأنها أن تُذكِّرنا بأن الدول التي قطعت أشواطا في مجال التقدّم العلمي والتقني، والتي أصبحت مهيمنة على العالم، إنما هي تلك التي جعلت من العلم والثقافة قطاعا مُنتِجا في بلادها، صانعا لأغلى ثروة بها هي الثروة البشرية... وعلينا أن نسارع إلى استعادة زمام المبادرة منها.
     ألم نكن أمّة "بيت الحكمة"؛ أول جامعة في التاريخ (تأسست سنة 850م)، قبل أكثر من 4 قرون من تأسيس جامعة باريس (1257م) وجامعة أكسفورد (1167م)؟ ألم يكن بِـ"بيت الحكمة" ببغداد أكثر من 300 ألف كتاب منسوخ قبل اكتشاف المطبعة (1450م) في مختلف العلوم والفنون في الوقت الذي كانت الأمية سيدة أوروبا والطاعون الأسود يفتك بها ولا تقرأ سوى النزر القليل من الكتب، وفي نطاق الكنيسة؟ أما أمريكا فلم تكن مكتشفة بعد (اكتُشفت في 1492م) !.
    بكل تأكيد.. يمكننا أن نستعيد زمام المبادرة ويمكن لأمة اقرأ أن تقرأ، وللجزائر أن تتحدى القراءة بمليون ونصف مليون مساهمة.
    icon-tags

    العدل.. أمننا العميق

     لسنا اليوم في مرحلة تصفية حسابات أو تأجيج الصراع بين الأشخاص، أو فتح مزيدٍ من ملفّات التخوين أو التخويف، لسنا اليوم في مرحلة إظهار البطولات، أو محاولة الظهور في ثوب الأنقياء الأطهار وغيرنا في ثوب الوسخين الأشرار، لسنا اليوم في وضعٍ يسمح لنا بفتح ملفات الماضي والحاضر وإسناد أدوار البطولات لهذا أو ذاك، أو توزيع صفات الخيانة والتقصير على هذا أو ذاك. الجزائريون جميعا يعرفون بعضهم البعض، من هم الأبطال من النساء والرجال، ومن هم الزعماء الحقيقيون، ليس هناك ما يُخفى عن أحدٍ في عصر الصوت والصورة والدليل الملموس، فقط هي الحكمة والمصلحة الوطنية التي تستوجب مثل هكذا مواقف.. فليكن الجميع عند مستوى هذه الحكمة وعند إدراك مفهوم المصلحة الوطنية، ولنترُك ما هو ماضٍ أو حاضر غير مُشرِّف لحُكم التاريخ... ولنلتفت إلى واقعنا اليوم وغدا...
    واقعنا اليوم وغدا يقول إن المخاطر تَحُف بِنا مِن كل جانب، ويكاد يبرز بجلاء أننا أصبحنا مستهدَفين بشكل مباشر في وجودنا وأمننا قبل قُوتِنا ومعاشنا. وهذا يستلزم بالضرورة وقف كل ما مِن شأنه أن يَدخل في باب المزايدات بالقول أو بالفعل. نحن في حاجةٍ اليوم إلى إحقاق الحق، إلى رفع المظالم عن الناس قبل أيّ شيء، من المسجونين بغير وجه حق إلى الذين ظُلموا في أي مستوى كان، رفع المظالم هو الأساس العميق لمواجهة المخاطر، لا يمكن لأي مجتمع يسوده الظلم أو القهر أو ينتفي فيه العدل أن يزعم إمكانية وجود عمق استراتيجي لديه، أو يزعم إمكانية تعبئة قواته، أو يدّعي أنه يستطيع مواجهة التهديدات المحيطة به، المدخل إلى زعزعة الداخل هو هشاشة هذا الداخل وليست قوة الخارج.
    لا يمكن لأيّ قوة خارجية مهما كانت ضخامتها أن تخترق مجتمعا يسوده العدل، ويمكن لأيّ قوة معادية مهما كانت بدائيتُها أن تدكّ أسوارنا إذا كان الظلم سائدا بداخلها، لذا فإنه ليس غريبا أن نقول اليوم إن للعدالة دورا استراتيجيا في الحفاظ على أمننا الوطني بل هي عمق أمننا الوطني. بدونها سنكون كمن يفتح الثغرات في جبهته الداخلية ليتسرّب من خلالها الأعداء... فلنسارع إلى إحقاق الحق، حيثما كان وإلى رفع الغبن عن المظلومين والقابعين في السجون بغير وجه حق، ولنُعِد الشعور إلى الناس بأن القانون فوق الجميع من خلال الأفعال لا الأقوال، ولنوقف هذه المزايدات غير المسؤولة من قبل غير مسؤولين، وسيكون عمقُنا الاستراتجي آمنا بإذن الله.

    التربية: قطاع يدير ظهره للمستقبل

      في الوقت الذي يُفتَرض أن يكون فيه قطاع التربية حاملا لمشروع مستقبل البلاد من حيث تحضير الأجيال الصاعدة ليكونوا أبناء عصرهم، نجده مازال يدير ظهره للمستقبل ولا يستطيع الخروج من دائرة مشكلات القرون الماضية، مسابقات التوظيف، مشكلة المستخلفين، التسرب المدرسي، الكراسي والطاولات، ضعف القراءة والكتابة، تقهقر مستمر في استيعاب كافة المواد، عدم التحكم في أي من اللغات...
    المتتبع لهموم التعليم اليوم يُلاحظ أنها ليست أبدا تلك الهموم التي تسعى لمواجهة مشكلات المستقبل، باعتبار أن التعليم يَصنع أجيال الغد، بل هي هموم ومشكلات مزمنة مافتئت تتكرر منذ عقود من الزمن إذا لم نقل أنها مشكلات بدائية عرفها التعليم منذ نشأته خلال قرون من الزمن ومازالت هي ذاتها في الجزائر...
    مازالت وزارة التربية لم تتجاوز مشكلات مادية مثل الاكتظاظ في المدارس، وطباعة الكتب، وتوفير الكراسي  والطاولات، والتدفئة في الشمال والتبريد في الجنوب، وساحات اللعب والركض للتلاميذ والأدوات التربوية المرافقة للتعليم الكلاسيكي مثل المجهر والحوجلة والبيشر والأنابيب المختلفة...
    كما أنها مازالت لم تتجاوز مشكلات الموارد البشرية، كمّا ونوعا، فهي ذاتها منذ عقود من الزمن، من ضعف في التكوين، وعدم التمكن من توفير ما يلزم من إطارات لتغطية الحاجات التي يسهل توقعها بالنظر إلى المعطيات السكانية الواضحة، واللجوء باستمرار إلى الاستخلاف، ثم الدخول مع المستخلفين في معارك عدم التثبيت ورفض إدماجهم رغم أنهم دفعوا ثمن الخبرة التي اكتسبوها، ودفعها التلاميذ الذين تخرجوا... فضلا عن بقاء المشكلات الاجتماعية من سكن ومرافق وأجور... في  المراتب الأولى تأثيرا في القطاع برغم كونها هي الأخرى من المشكلات المزمنة التي عرفها طيلة عقود من الزمن دون أن تعرف إستراتيجية حل بعيدة المدى تمنع تكرارها في كل مرة.
    هذه الحقائق تجعلنا نَحكم أن قطاع التربية في بلادنا يدير ظهره بالفعل للمستقبل، ويعود باستمرار القهقرى نحو الغرق في مشكلات الماضي.
    كل ما يبدو اليوم من جهد مبذول إنما هو جهد يصب في حل مشكلات الماضي وليس المستقبل، مما يعني أنه قطاع لا يتقدم، ويمنع البلاد من أن تتقدم.
    وعندما يُصبح هكذا قطاع بهذه الحال ويفتقد التطلع إلى العقود القادمة للتكيف مع مستجدات القرن الحادي والعشرين وما بعد، بإمكاننا أن نحكم عليه بأنه أصبح غير قادر على أن يُقدِّم للأمة والمجتمع ما هو مطلوب منه، بل نحكم أنه سيستمر عبئا على المجتمع، مستهلكا لقدرات لا تعود عليه بالآثار المباشرة أو غير المباشرة التي تُمكِّنه من أن يُحقِّق الإقلاع الاجتماعي والاقتصادي المطلوبين.
    إننا لا نستطيع أن نحكم على مستقبل أي بلد حكما صحيحا إلا من خلال مستقبل قطاع التربية والتعليم به، إذا كان هذا القطاع غير مُتكيف مع مشكلات المستقبل، غارق في تلك الصعوبات التقليدية التي تعرفها المدارس منذ قرون، فالبلد هو كذلك، بل سيستمر كذلك في المستقبل
    المنظور، أما إذا حدث تحول نوعي في هذا القطاع فإن التحول سيمس كافة القطاعات الأخرى وسيقدم لنا الخطوط الرئيسية الدالة على المستقبل المتوقع لأي بلد.
    مازالت وزارة التربية لم تتجاوز مشكلاتٍ مادية مثل الاكتظاظ في المدارس، وطباعة الكتب، وتوفير الكراسي والطاولات، والتدفئة في الشمال والتبريد في الجنوب، وساحات اللعب والركض للتلاميذ، والأدوات التربوية المرافقة للتعليم الكلاسيكي مثل المجهر والحوجلة والبيشر والأنابيب المختلفة...
    لذا فإن قراءتنا الأولية اليوم لنوعية القائمين على القطاع، ولنوعية الأفكار التي يحملونها، ولدرجة إدراكهم لعلاقة المدرسة بالمستقبل تُبيِّن بكل وضوح، أننا في حاجة لرؤية  استشرافية للتربية ببلادنا تضعها ضمن منظور المستقبل وضمن التطورات الحاصلة على مستوى التفكير في مدرسة للغد تكون قادرة على التكيف مع المعطيات المعرفية والتكنولوجية للقرن الحادي والعشرين. أما بقاء بعض مسؤولينا اليوم أسرى ضمن قوالب الصراع التقليدية حول اللغة أو الأيديولوجية أو الدين كالقول أن العربية هي سبب تخلف التعليم، والفرنسية هي المنقذ الوحيد، أو أن التربية الإسلامية والتاريخ في حاجة إلى تحييد، لدليل آخر على تخلف المستوى الفكري للقائمين على القطاع وعلى جمودهم في مستوى غايات القرن التاسع عشر ذات الأبعاد الاستعمارية. ذلك أننا لا يمكن اليوم أن نتحدث عن تحديات الراهن، باعتبار المدرسة تُكوِّن للمستقبل، إنما عن تحديات العقود القادمة؟ أين نحن من التفكير في كل هذا؟ أين نحن من التفكير في التحديات المرتبطة بالتطور التكنولوجي، وبعصر المعلومات، وبالمدرسة الجديدة في العالم؟ أين نحن من  الانتقال من المشكلات التقليدية ذات الطابع الاجتماعي إلى المشكلات المتعلقة بمواكبة التحول التكنولوجي في العصر الرقمي، وتضاعف حجم المعارف والابتكارات والمعلومات كل سنة، والقدرة على تقليص الفجوة التكنولوجية، وتكوين إطارات الغد القادرة على مواكبة الجديد في المجالات الصناعية والتسيير والشؤون الاقتصادية المختلفة؟؟
    كل العالم اليوم يناقش مسألة تقليص الفجوة بين نوعية التعليم المُقدَّم في المدارس والتطور التكنولوجي الحاصل في  العالم، كل العالم يسعى اليوم إلى تقديم تكوين في مستويات التحديات العلمية الجديدة حتى لا يُقدِّم لسوق العمل خريجين أميين تكنولوجيا ولغويا، غير قادرين على قراءة شفرة العصر، ونحن مازلنا نعقد الاجتماعات لحل مشكلات المستخلفين والطاولات والكراسي والكتاب المدرسي والأقسام الضيقة أو البعيدة عن التلاميذ في المداشر والقرى النائية؟ ومازلنا نسعى للرفع من مستوى الأستاذ من خلال تأهيل شكلي بلا معنى ومن خلال شهادات نقدمها له لكي يبدو أنه قد حقق مستوى أرفع... خلافا للحقيقة تماما.
    ما الذي يحدث في هذا القطاع الحيوي الذي هو أساس كل تطور في المستقبل؟ أية أولوية معطاة له وأية نوعية من المسؤولين هم على رأسه؟
    إن طموحنا ليس أن نتحدث اليوم عن التعليم التفاعلي من خلال شبكة الانترنت كما في أمريكا أو سنغافورة، فتلميذنا مازال عليه أن يفهم الحمض الريبي النووي المنقوص الأوكسجين من غير مجهر، وأن يتعلم اللغات الحية من غير مخبر للغات... وطموحنا ليس أن نتحدث عن الأستاذ التكنوفيل
    The Technophile Teacher، أو عن البودي سيستم Buddy system الذي بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 1994، ولا عن الأقسام المعكوسة flipped classroom، حيث يتابع التلميذ الدروس في حاسوبه، ثم يذهب للمدرسة ليتلقى التوجيه المدرسي والتصحيح اللازمين، ولا عن آلاف الابتكارات التعليمية التي تم تنفيذها في كوريا والصين وسنغافورة، إنما فقط نريد أن ندفع بمدرستنا إلى أن لا تدير ظهرها للمستقبل وأن لا تبقى أسيرة مشكلات الماضي والماضي السحيق.
    إن بقاءها ضمن هذا النوع من المشكلات يعني أن مسؤوليها  غير قادرين على ابتكار الحلول، يعيشون باستمرار ذات الخطأ، وباستمرار يكررون ذات السياسة غير السليمة لتصحيحه.
    إننا لا يمكن أن نزعم الإصلاح في أي مجال من المجالات ولا نزعم أننا أمة تسعى إلى التقدم، ولا نزعم أننا نستثمر حقيقة في الإنسان وحال التربية عندنا بهذا الشكل، وحالنا مع التربية هو ذاته منذ عشرات السنين. لقد تأخرنا كثيرا في إعادة توجيه قطاع التربية والتعليم بجميع أطواره للتكيف مع المستقبل، وتأخرنا كثيرا في جعله أولوية من الأولويات، وطال الزمن دون أن نصحح خياراتنا الإستراتيجية، معتقدين أننا يمكن أن ننقذ بلدنا من خلال قطاع المحروقات تارة والفلاحة أو الصناعة أو الخدمات تارة أخرى، ناسين أننا دون أن نتمكن من تصحيح وجهة التعليم، ودون أن نمكن المعلم من أن يكون معلم الغد، لن نتقدم خطوة إلى الأمام.

    نظافة العقل واليد والسروال

     قلتُ لمُحدِّثي: السياسة تحتاج إلى نظيف العقل ونظيف اليد ونظيف الجيب ونظيف السروال لكي تستقيم. نظيف العقل بمؤهلاته ومنهجه في التفكير واستيعابه لتحديات العصر وقدرته على تقدير المواقف وعلى استيعاب المعلومات والاستخدام الفَعَّال للتكنولوجيا، ونظيف اليد بألا يكون قد مارس البطش على أحد أو ساهم في ظلم أحد أو مارس العنف على أحد فضلا عن أن يكون قد لطخ يده بدماء الأبرياء، ونظيف الجيب بأن تكون مصادر رزقه حلالاً ولم يقترب قط من المال الحرام أو ساهم في الفساد راشيا أو مُرتَشيا أو ساعيا بينهما، ونظيف السروال أن تكون أخلاقه نظيفة بعيدا عن الشُّبهات وفيا لأسرته وأبنائه عفيفا طاهرا كارها للرذيلة ولسقط المتاع...
    إنسان كهذا يُمكن أن يكون قدوة في المجال السياسي، إذا تكلم استمع إليه الناس، وإذا وعد صدّقوه، وإذا دعا الشباب للالتحاق به اتبعوه، فيتمكَّن من قيادة الأمة، مع أمثاله، نحو بر الأمان، ولا تستطيع له سبيلا لا القوى المضادة داخليا أو خارجيا ولا "داعش" ولا أنصارها أو مَن يقفون وراءها...
    أجابني محدثي ضاحكا: ألا تَرى أن عكس شروطك هي التي يسعى الكثير أن تتوفر في السياسي لكي يكون كذلك اليوم؟ ألاَّ يكون نظيف العقل، ولا نظيف اليد ولا نظيف الجيب ولا نظيف السروال، وفي ذات الوقت يُكثر من الحديث عن حب الجزائر، وعن الإخلاص للوطن، وعن النزاهة والتضحية والتفاني والأخلاق والمستقبل فيكره سامعوه كل هذه المعاني ويعزم الشباب منهم خاصة على مغادرة الوطن.
    تَمسَّكْ بشروطك، ولن تجد من بين السياسيين أحدا...
    قلت: بلى، بل هناك الملايين منهم في بلادي، ملايين الشباب الذين مازالت عقولهم وأيديهم وجيوبهم وسراويلهم نظيفة.. لِمَ هم مُبعدون؟ الملايين من النِّساء والرجال الأكفاء الأشراف الأطهار، لِمَ هم مُبعَدون؟
    الملايين ممن لم يُصبهم التلوث العقلي والمالي والأخلاقي، هم بيننا وفي كل مكان... لِمَ تَسْعَى أقلية تمكَّنت من منابر الحديث والقرار إلى أن تَضعَ مِن نفسها عنوان مرحلة ورمزَ بِلاد؟
    أبناء هذا البلد المخلصون مازالوا في كل مكان، مدنيون في أريافهم وقراهم وحقولهم ومحلاتهم وأسواقهم ومقرّات عملهم يواجهون صعوبات الحياة بصبر وثبات. وعلى جبهات الدفاع الوطني عسكريون ورجال أمن بالداخل وعلى خطوط التَّماس مع العدو عيونهم ساهرة على حماية هذا الوطن لا يغمض لها جفن.
    ما الذي يجعلنا نرفع الراية البيضاء ونعترف بهزيمة من لا يَمتلكون سوى الوساخة لقتل كل أملٍ مازال حيا فينا؟ علينا ألا نفعل...

    الشّباب والاستقامة

     كثيرا ما يردّ الواحد من إخواننا وأحبابنا الشّباب إذا دعي إلى التّوبة والاستقامة على دين الله، قائلا: يا أخي، دعني أعش شبابي.. دعني أتمتّع بالحياة.. أتريدني أن أموت قبل الأوان؟!.. وهذا الكلام أصبح واقعا لكثير من فتيات وشباب المسلمين الذين يَعدّون الالتزام في مرحلة الشّباب تشدّدا وتزمّتا وشيخوخة قبل الأوان، يظنّ الواحد منهم أنّ لزوم صلاة الجماعة والمحافظة على تلاوة القرآن والذّكر والدّعاء، يخصّ أولئك الشّيوخ الطّاعنين الذين ملّتهم الحياة وملّوها.. لسان حال هؤلاء الشّباب ينطق قائلا: العمل للآخرة، لا يكون إلا بعد التّقاعد من العمل للدّنيا
    أصبح شبابنا يستهزئون بالشابّ المؤمن إذا اختار طريق الاستقامة والالتزام، وإذا ما مرّ بهم يتغامزون ويتهامسون وربّما خاطبوه مستهزئين: ادعُ لنا يا شيخ! وإذا ما اختارت الفتاة المسلمة طريق الطّاعة والالتزام ولبست الحجاب الواسع، وتزيّنت بغضّ البصر والحياء، استهزأت بها الفتيات من حولها وقلن لها: ما هذا الذي فعلته في نفسك؟.. أنت لا تزالين صغيرة.. تمتّعي بشبابك.. فإذا ما أصرّت على ما هي عليه، صرن يصفنها بالتخلّف والتحجّر، وأصبحن يستهزئن بها وينادينها بالحاجّة والشّيخة وغيرها من أوصاف وألقاب الازدراء... ولعلّ أهمّ سبب في هذا الواقع هو سوء ظنّ كثير من الشّباب بالله، واعتقادهم أنّه –سبحانه- جعل التّعاسة والشّقاء في لزوم طاعته، والسّعادةَ في الغفلة عنه ومعصيته! ولاشكّ أنّ هذا الفهم هو من وحي الشّيطان للّذين يعلمون ظاهرا من هذه الحياة الدّنيا، فالله جلّ وعلا يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، ويقول سبحانه: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}؛ فالاستقامة الجادّة والسّعادة الحقيقية أمران متلازمان لا يفترقان، لأنّ المستقيم على طاعة الله يحسّ بأنّه يسعى في صلاح دنياه وأخراه، ويعمل لحياة أبدية لا تنقضي بانقضاء الدّنيا.. هو يعلم أنّ اللذّة الحقيقية ليست لذّة البدن، وإنّما هي لذّة الرّوح التي تجد أنسها وراحتها في الصّلة بخالقها وبارئها وفي طاعته وطلب رضاه، ويعلم أنّ السّعادة الكاملة والدّائمة هي التي تُنال في دار الجزاء والكرامة، حيث الرّاحة التي لا يشوبها تعبٌ ولا نصب، والأُنس الذي لا يعكّره همّ ولا كدر.
    أمّا الشابّ الذي يسوّف ويؤخّر الاستقامة إلى سنّ الكهولة والشّيخوخة، فهو علاوة على أنّه يستعبد روحه لبدنه، ويمتّع جسده بشهوات آنيّة تعقبها الغصص والحسرات، فإنّه لا يضمن أن يمدّ الله في عمره ويبلّغه الخمسين والستّين؟، وإذا بلغ الخمسين والستّين، فما الذي يضمن له أن يوفّق للتّوبة؟ إنّ من شبّ على شيء شاب عليه، ولكلّ امرئ من دهره ما تعوّد، والنّفس كالإسفنجة إذا أشربت حبّ الشّهوات تعلّقت بها وأصبحت تسري فيها سريان الدّم في الجسد؛ لا يستطيع صاحبها الإقلاع عنها إلا أن يمنّ الله عليه بفضله.
    النّفس بطبعها تميل إلى الشّهوات وتؤثر الماديات، وتحتاج إلى جهد ومجاهدة لتستقيم على طاعة الله وتتلذّذ بالعبوديّة له جلّ في علاه، وإذا لم يجاهد العبد المؤمن نفسه في مرحلة الشّباب، فربّما يصبح ذلك مستحيلا في مرحلة الكهولة والشّيخوخة، بعد أن تألف النفس الغفلة والشّهوات وتصبح عادة وطبعا لها لا تقوى على مفارقتها، لذلك فلا عجب أن نرى في واقعنا شيوخا في عقود متأخّرة من أعمارهم يلهثون خلف الشّهوات، وينافسون الشّباب في طرق الغواية والمنكرات، لأنّهم سوّفوا لأنفسهم حتى اعتادت تلك الحال، وصعب عليهم مفارقتها بعد ذلك.
    الأمر عظيم وخطير، والغفلة عن مجاهدة النّفس قد تؤدّي بصاحبها إلى الهلاك. ربّما تصل الحال بالعبد إلى حدّ يتمنّى معه التّوبة إلى الله ولا يستطيع، يريد أن يصلي الفجر لوقتها ولا يستطيع.. يريد أن يفتح المصحف ولا تطاوعه نفسه.. يريد أن يذكر الله ولا يطاوعه لسانه.. يقول نبيّ الهدى صلّى الله عليه وآله وسلّم: "تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيّ قلب أشربها نُكت فيه نُكتة سوداء، وأيّ قلب أنكرها نُكت فيه نُكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين؛ على أبيض مثل الصفا فلا تضرّه فتنة ما دامت السّماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف مَعروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه".

    الإمام الإبراهيميّ وتُهمة "الوهابية"

     الوهابية في الوضع اللّغويّ، نسبةٌ إلى "الوهّاب"، والوهاب اسم من أسماء الله الحسنى، يُفترض ألا ينسب إليه أحد على سبيل الازدراء والتّحقير والتّعيير والتّنفير، لقوله تعالى ((وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون))، لكنّ من يردّدون هذه التسمية لا يقصدون من إطلاقها النّسبة إلى الوهّاب سبحانه، وإنّما يعيّرون بها أتباع الحركة الإصلاحية السلفية، ويشنّعون عليهم بنسبتهم إلى محمّد بن عبد الوهاب النّجدي الحنبلي (ت 1792م)، الذي عارض دعوتَه أقوام، وعاتبه على شدّته فيها أعلام، وأثنى عليه وعلى دعوته أعلام آخرون كالصّنعانيّ والشّوكانيّ ومحمّد عبده وأحمد أمين ومحمّد رشيد رضا، ومحمّد الغزالي والقرضاويّ، وابن باديس والإبراهيمي والطيّب العقبي ومبارك الميليّ وأحمد حمّاني، وغيرهم كثير.
    عندما أنشِئت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931م، وأخذ أعلامها يقارعون الطرقية القبورية، ثارت ثائرة المنتفعين بـ"الطّرائق"، ولأنّهم لم يجدوا من الحجج ما يُسعفهم للردّ على مقالات وكتابات ابن باديس والإبراهيميّ وإخوانهما، فقد لاذوا بالهمز واللّمز والنّبز، وأخذوا ينسبون إلى علماء الإصلاح ما هم منه براء، وافتروا عليهم أنّهم يكفّرون المسلمين، وعيّروهم بالوهابيّة، وقد تصدّى علماء الجمعية للردّ على هذا التّعيير، وكان من أبرز ردودهم مقال دبجه فارس البيان الإمام محمّد البشير الإبراهيميّ رحمه الله، ونشر في العدد 9 من جريدة "السنّة النبويّة المحمّدية" تحت عنوان "تعالوا نسائلكم"، حيث قال: "ويقولون عنّا إننا وهابيون، كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة، حتى أنست ما قبلها من كلمات، عبداويين وإباضيين وخوارج، فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد، وهو مستقرّ الحقّ، ولكنّ القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة، ويَسِموننا في كلّ لحظة بِسِمة، وهم يتّخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامّة منّا وإبعادها عنّا، وأسلحة يقاتلوننا بها، وكلّما كلّت أداة جاءوا بأداة، ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال (الضعف) وعدم الغناء، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المفلولة التي عرضوها في هذه الأيام "وهابي" ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بغيرها، ولعلّهم كافأوا مبدعا بلقب "مبدع كبير".
    وواصل الإبراهيميّ قائلا: "إنّ العامّة لا تعرف من مدلول كلمة "وهابي" إلا ما يعرّفها به هؤلاء الكاذبون، وما يعرف منها هؤلاء إلا الاسم، وأشهر خاصّة لهذا الاسم وهي أنّه يذيب البدع كما تذيب النّار الحديد، وإنّ العاقل لا يدري ممّا يعجب! أمن تنفيرهم باسمٍ لا يَعرف حقيقتَه المخاطَب منهم ولا المخاطِب! أم من تعمّدهم تكفير المسلم الذي لا يعرفونه نكاية في المسلم الذي يعرفونه! فقد وجّهت أسئلة من العامّة إلى هؤلاء المفترين من "علماء السنّة" (وهي جمعية أسّسها الطرقيون بإيعاز من السّلطات الفرنسية آنذاك مضاهاة لجمعية العلماء) عن معنى الوهابي فقالوا: هو الكافر بالله وبرسوله، ((كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا))، أمّا نحن فلا يعسر علينا فهم هذه العُقدة من أصحابنا، بعد أن فهمنا جميع عقدهم، وإذ قد عرفنا مبلغ فهمهم للأشياء وعلمهم بالأشياء، فإنّنا لا نردّ ما يصدر منهم إلى ما يعلمون منه، ولكنّنا نردّه إلى ما يقصدون به، ولا يقصدون بهذه الكلمات إلا تنفير الناس من دعاة الحقّ، ولا دافع لهم إلى الحشد في هذا إلا أنّهم موتورون لهذه الوهابية التي هدمت أنصابهم، ومحت بدعهم فيما وقع تحت سلطانها من أرض الله، وقد ضجّ مبتدعة الحجاز فضجّ هؤلاء لضجيجهم، والبدعة رَحِم ماسّة، فليس ما نسمعه هنا من ترديد كلمة "وهابي" تُقذف في وجه كلّ داع إلى الحقّ، إلا نواحا مردّدا على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهابية، وتحرّقا على هذه الوهابية التي جرفت البدع، فما أبغض الوهابية إلى نفوس أصحابنا، وما أقسى هذا الاسم على أسماعهم، ولكن ما أخفّه على ألسنتهم حين يتوسّلون به إلى التّنفير من المصلحين، وما أقسى هذه الوهابية التي فجعت المبتدعة في بدعهم وهي أعزّ عزيز لديهم، ولم ترحم النفوس الولهانة بحبّها، ولم ترْثَ للعبرات المراقة من أجلها".
    ثمّ تابع الإبراهيميّ قائلا: "يا قوم! إنّ الحق فوق الأشخاص، وإنّ السنّة لا تسمّى باسم من أحياها، وإنّ الوهابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام، ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده، ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة، وهي أنّهم لا يقرّون البدعة، وما ذنبهم إذا أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتيسّر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر؟".
    وأردف الإبراهيميّ قائلا: "أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدّين بالضّرورة، وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم -والمنكر لا يختلف حُكمه بحكم الأوطان- تنسبوننا إليهم تحقيرا لنا ولهم وازدراء بنا وبهم، وإن فرّقت بيننا وبينهم الاعتبارات، فنحن مالكيون برغم أنوفكم، وهم حنبليون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة، ونحن نُعمل في طريق الإصلاح الأقلام، وهم يُعملون فيها الأقدام، وهم يُعملون في الأضرحة المعاول، ونحن نعمل في بانيها المقاول".
    ثمّ يختم الإبراهيميّ قائلا: "إنّنا نجتمع مع الوهابيين في الطريق الجامعة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وننكر عليهم غلوّهم في الحقّ كما أنكرنا عليكم غلوّكم في الباطل، فقَعوا أو طيروا، فما ذلك بضائرنا وما هو بنافعكم" (آثار الإبراهيمي، 01/ 123- 125).
    هذا ما قاله الإمام الإبراهيميّ في حقّ "الوهابيين"، وذاك ما قاله في حقّ مناوئيهم من "القبوريين"، ولا شكّ أنّه لو أدرك أيامنا هذه، ورأى كيف يتبجّح سدنة المشاريع الطائفيّة البغيضة بنبز المتصدّين للتشيّع الصفويّ بهذا اللّقب، في محاولة منهم لتنفير النّاس عمّن يفضح مآربهم، ويعرّي شذوذ مذهبهم عمّا عليه جماهير الأمّة من سلامة القلوب والألسن لأصحاب خاتم الأنبياء وإمام المرسلين عليه الصّلاة والسّلام، لو أدرك الإمام الإبراهيميّ أيامنا هذه، ورأى ما نراه، لقال في هؤلاء كلاما أشدّ ممّا قاله في أولئك، ولعرّى هؤلاء الذين أبوا إلا أن يبيعوا دينهم بعرض من الدّنيا قليل، كيف لا والإبراهيميّ رحمه الله من يقول: "قبّح الله خبزة أبيع بها ديني، وأعقّ بها سلفي، وأهين بها نفسي، وأهدم بها شرفي، وأكون بها حجّة على قومي وتاريخي، ولكن أين من يعقل أو من يعي" (آثار الإبراهيمي، 03/ 156).

    حروب حزب الله الاستباقية

     في آخر ظهور اعلامي له بعد تصنيف دول الخليج لحزب الله بـ"المنظمة الإرهابية" فاجأ السيد حسن نصر الله الجمهور العربي بتوصيف الحروب التي خاضها أو سيخوضها مع الكيان الصهيوني بـ"حروب الدفاع عن النفس"، وهي كذلك، ثم وصف مشاركته المباشرة في الحرب الأهلية السورية على أنها كانت "حرب استباقية" ضد "داعش" و"النصرة" ومن وصفهم بـ"التكفيريين"
    التوصيف بلا شك دقيق، لكنه يلزم السيد نصر الله تبعات كثيرة غير محسوبة، لا أدري هل خطرت بباله وهو يجازف بهذا التوصيف لأول مرة في حوار تلفزيوني مباشر أمس الأول؟
    بقدر ما يعني توصيف الحرب مع الكيان الصهيوني بـ"الحرب الدفاعية" من طمأنة واضحة للكيان ما لم يجازف بالعدوان على لبنان، فإن توصيف مشاركة حزب الله في حرب أهلية بدولة جارة، على أنها "حرب استباقية" ضد الجماعات التكفيرية فيه إعلانٌ صريح لحربٍ مفتوحة شاملة، يتوعّد بها حزب الله جميع الجماعات المنتسبة أو القريبة من تنظيم الدولة والنصرة، وقبل هذا زعم أن كل من حمل السلاح ضد الدولة السورية منذ البداية كان من ذات العائلة الفكرية التكفيرية، وأن حزب الله كان عليه أن يدخل في "حرب استباقية" معها ولا ينتظر حتى يضطرّ لقتالها على جرود عرسال اللبنانية.
    بهذا المنطق الذي يبرر للجميع شن الحروب الاستباقية، فإن الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق كان له ما يبرره، كما هي مبررة حرب النيتو على ليبيا، والتدخل الروسي والإيراني في سورية، وسيبرر استمرار حرب الحلف الجديد الذي بدأ يتشكل بين أمريكا وروسيا لقتال تنظيم "الدولة"، وفوق ذلك سيسمح بتبرير جميع "الحروب الإستباقية" للكيان الصهيوني على جيران فلسطين "المحتلة من العرب"، وعلى فصائل المقاومة ومنها حزب الله، وفيه التماس عذر ضمني للتدخل السعودي في اليمن، ويفترض أن يبرر غدا لبلجيكا، التي تعرضت أمس لعدوان من "داعش" تنفيذ حرب استباقية ضد التنظيم حيثما وُجد، وضد الجاليات المسلمة المتّهمة زورا بالتعاطف وتوفير البيئة الحاضنة له.
    قبل فترة، صرح رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو: "أنّه لولا السيادة الإسرائيلية على القدس لاقتحم تنظيم الدولة الأماكن المقدسة وأحرقها"، كما زعم حزب الله حماية العتبات الشيعية المقدسة من "داعش". وقال الصهيوني في تصريح آخر: "إننا نشهد للأسف انهيار دول في أرجاء الشرق الأوسط، وصعود داعش.. لكن نواجه أيضاً فرصاً عملاقة تتمثل في تعميق العلاقات بين إسرائيل والدول العربية المعتدِلة"، وربما أسرّ في نفسه ورود فرص مماثلة مع قوى الممانعة والمقاومة.
    في مكانٍ ما، يكون السيد حسن نصر الله قد خرج عن العقلانية التي كانت توصف بها خطبُه في السابق، وإلا ما كان انزلق إلى هذا التوصيف الذي نتحمّله كرها من الغزاة والمستكبرين في الأرض، لكن يصعب تقبّله من حزب رفع راية المقاومة تحديدا ضد منطق "الحروب الاستباقية" التي كان يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني أو ضد جيران فلسطين المحتلة، أو تتذرع بمنطقها قوى الاستكبار للعدوان على الدول والشعوب المستضعفة.

    احذر أن تكون حجر عثرة على الطّريق

     من لطف الله تبارك وتعالى بعباده، أنّه جعل هذه الحياة الدّنيا كتابا مفتوحا يُقرأ بكلّ اللّغات، يتصفّحه المتعلّم والأميّ والعالم والجاهل، ويجد فيه جميعُهم من الدّروس والمواعظ، ما تصلح به أحوالهم، وما يعود بهم إلى الطّريق التي رسمها الأنبياء والمرسلون لتحقيق سعادة الدّارين؛ دروس ومواعظ ينتفع بها كلّ من كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد، وكلّ من اختار أن يتّعظ بغيره قبل أن يكون موعظة لغيره.
    من دروس هذه الحياة الدّنيا، أنّ العبد المسلم ينبغي أن يحذر أشدّ الحذر أن يؤتى الإسلام من قِبله، أو أن يكون سببا في صدّ غيره عن دين الله، وعن طريق الهداية والاستقامة والصلاح، ورُبّ موقف واحد يقفه المسلم، يمكن أن يكون سببا في هداية غيره، كما يمكن أن يكون سببا في صده عن سبيل الله.
    يُروى أنّ إمام أحد المساجد في المغرب، ابتُعث للعمل في العاصمة البريطانية لندن، كان يركب الحافلة كلّ يوم من مقر إقامته إلى مكان عمله، وقد اعتاد قابض إحدى الحافلات ركوبه معه، وفي يوم من الأيام اكتشف الإمام بعد دفع أجرة الحافلة أنّ القابض أعاد إليه 20 بنساً زيادة عن المفترض، فكّر الإمام وقال في نفسه إنّ عليه إرجاعَ المبلغ الزائد لأنه ليس من حقه، ثم فكّر مرة أخرى وقال في نفسه: "عليّ أن أنسى الأمر، فالمبلغ زهيد وضئيل، ولن يهتم به أحد، كما أنّ مالك هذه الحافلات يحصّل ما لا يحصى من المال ولن يضره مثل هذا المبلغ الزهيد، سأضعه في مصالح المسجد، إذن سأحتفظ بالمال الزائد وأعتبره هدية من الله وأسكت"، توقّفت الحافلة عند المحطة التي يريدها الإمام، لكنه قبل أن يخرج من الباب، توقف لحظة ومدّ يده وأعطى القابض العشرين بنساً، وقال له: تفضّل، لقد أرجعتَ إليّ أكثر من حقي، هنا أخذ القابض المال وابتسم، وهو يقول: "ألستَ الإمام الجديد في هذه المنطقة؟ لقد كنت أفكّر منذ مدة في الذهاب إلى مسجدكم للتعرف على الإسلام، وقد أعطيتك المبلغ الزائد عمداً لأرى كيف ستكون ردّة فعلك".. ذُهل الإمام، وما أن نزل من الحافلة، حتّى شعر بارتعاش في ساقيه وكاد يقع أرضاً من رهبة الموقف. تمسّك بأقرب عمود ليستند إليه، ونظر إلى السماء ودعا باكيا: يا الله، كنت سأبيع الإسلام بعشرين بنساً!
    لقد كاد هذا الإمام في لحظة ضعف أن يبيع دينه، ويكون سببا في صدّ رجل عن دين الله، وهو الذي ذهب إلى تلك البلاد ليدعو النّاس إلى دين الله الحقّ.. وهذا الموقف الذي عاشه في لحظة من لحظات حياته، لعلّ كثيرا منّا يعيشونه كلّ يوم، ليس مع غير المسلمين، وإنّما أيضا مع عباد لله مؤمنين أغرتهم الدّنيا وألهتهم عن دينهم، ويبحثون عن قدوات صادقة ترسم لهم طريقا واضحا في هذه الحياة يوصلهم إلى سعادة الدّارين.. لو فتّش كلّ واحد منّا في حياته، لربّما وجد كثيرا من المواقف التي باع فيها دينه بعرض من الدنيا قليل، وتسبّب في صد بعض من هم حوله عن طريق الهداية والصلاح.
    لقد عمل في بلادنا هذه الجزائر، كثير من الأجانب من غير المسلمين من الصينيين والإيطاليين والألمان والمصريين، ورأوا من أخلاق بعضنا ما جعل عددا كبيرا بينهم يقطعون أي تفكير في اعتناق الإسلام، لِما رأوا من إخلافٍ للوعود، ونقض للعهود، واستحلال للخديعة والغشّ والغدر، وإضاعة للأعمال، وسرقة للمتلكات.
    الآباء من جهتهم أصبحوا سببا في ضياع أبنائهم، حينما اختار كثير منهم أن يكونوا قدوات سيّئة لمن يرمقون أقوالهم وأفعالهم، فكثير هم الآباء الذين يأمرون أبناءهم بالاستقامة والصلاح ويصدّونهم بأفعالهم عن سبيلهما، تجد الأب يأمر أبناءه بالصلاة، وهو الذي يجمع الصلوات عند وقت العشاء، ولا يصلي صلاة الفجر لوقتها إلا في رمضان، وتجده يزجر أبناءه عن ارتياد مقاهي الإنترنت، وهو الذي يسهر إلى ساعات متأخرة من الليل أمام القنوات التافهة، تجده يأمر بناته بالحجاب وهو الذي لا يغضّ بصره عن النظر إلى الفتيات المتبرجات ممن هنّ في سنّ بناته، تجده ينهى أبناءه عن التدخين، وهو الذي لا تكاد تفارق السيجارة شفتيه، بل ولا يتورع عن إرسال أبنائه لشراء علب السجائر!
    المعلّمون والأساتذة بدورهم، اختار بعضهم أن يكونوا قدوات سيّئة لتلاميذهم وطلبتهم، حينما أصبح همّهم الأكبر لا يتعدّى الظّفر بالرّاتب وتوابعه، ولا يهتمّون بالأمانة التي تحمّلوها، وبأعين تلاميذهم البريئة التي ترمق ما يصدر عنهم من كلمات وتصرّفات، ليجعلوها منهجا لحياتهم، حتى وصل الأمر ببعض المعلّمين والأساتذة إلى التلفّظ بالكلمات النّابيّة، وإلى سبّ تلاميذهم وطلبتهم بأقذع الكلمات، وإلى تعاطي السّجائر وسؤال تلميذاتهم وطالباتهم عن الأغاني والمسلسلات، وربّما عن الأطباق والأطعمة!

    "النّيجلانيّون" الجدد

     هذه الكلمة "النّيجلانيّون" نسبة إلى "كائن" خلقه الله – عز وجل – بشرا سويا، ولكنه فضّل أن يكون بعمله شيطانا مريدا، إنه ماريسيل إدموند نيجلان، الذي عُيّن حاكما عاما على الجزائر من سنة 1948 إلى سنة 1951...
    ولد هذا الشخص في 1892، كان ذا نزعة "يسارية"، وشارك في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، وقد عمل أستاذا في مدرسة المعلمين في استرازبورغ، التي انتخب نائبا لرئيس بلديتها..
    في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) رأى بأم عينيه كيف ولى الجيش الفرنسي مدبرا أمام الجيش الألماني، ولم يصمد أكثر من أسبوعين، فتحيز نيجلان إلى ما يسمى "المقاومة" التي قادها دوغول..
    وقد تولى نيجلان – بعد انتهاء الحرب – وزارة التربية، ثم عين واليا عاما على الجزائر، ولكنه لم يلبث فيها طويلا (1948-1951)، وقد ترشح للإنتخابات الرئاسية في فرنسا (1953) فخسرها. (كان النظام السياسي الفرنسي آنذاك نظاما برلمانيا، حيث ينتخب البرلمان رئيس الجمهورية)، وقد توفي نيجلان في عام 1978. وقد كان رغم "يساريته" من أشد المنادين بالجزائر فرنسية، ومارس في سبيل ذلك أعمالا وحشية استنّ فيها بمن سبقوه من المسؤولين الفرنسيين، وكان مثلا لمن جاء بعده منهم...
    لكن أهم شيء اشتهر به هذا "الكائن" هو تزوير الانتخابات، ونال في ذلك "قصب السّبق"، وقد أصبح "إماما" يأتمّ به كل مزوّر للانتخابات، حتى صارت كل انتخابات مزورة "ستعرف في كل أنحاء العالم باسمه". (عقيلة ضيف الله: التنظيم السياسي والإداري للثورة. ص 137). "انتخابات على طريقة نيجلان". لقد تجلى عمل هذا "الكائن" في تزوير الانتخابات التي جرت في الجزائر في سنة 1948 لانتخاب ما سمي "المجلس الجزائري" (البرلمان)، وبلغت المهازل في هذا الانتخابات إلى درجة أن "تمّ فتح مراكز انتخابية في بيوت بعض الأعيان...وأصبح الغش والتزوير الانتخابي ظاهرة مستفحلة". (حورية مايا ابن فضة: الجزائر في عهد الحاكم العام نايجلان ص 217). و"كانت الإدارة تملأ الصناديق الانتخابية مسبقا، وكما تشاء، أو تقدم محاضر النتائج عشية الانتخاب، وأثناء الفرز يؤتى بصناديق جديدة مملوءة بأصوات أغلبيتها الساحقة لفائدة مرشحي الإدارة الفرنسية". (المرجع نفسه ص 226).
    وعندما كثرت الاحتجاجات على تلك الانتخابات، قال أكابر المجرمين في باريس "لقد كان لنا الاختيار بين انتخابات "يزيّفها" الميصاليون وانتخابات يزيفها الحاكم العام فاخترنا الثانية". (عقيلة ضيف: مرجع سابق ص 140). وقد وصفت بعض الصحف تلك الانتخابات بأنها "كاريكاتور محزن".
    لقد تجلى عمل هذا "الكائن" في تزوير الانتخابات التي جرت في الجزائر في سنة 1948 لانتخاب ما سمي "المجلس الجزائري" (البرلمان)، وبلغت المهازل في هذه الانتخابات إلى درجة أن "تم فتح مراكز انتخابية في بيوت بعض الأعيان...أصبح الغش والتزوير الانتخابي ظاهرة مستفحلة".
    تذكّرت هذا الطاغية الفرنسي، الذي سبق أن مثّل بلاده في منظمة اليونيسكو، التي ترمز إلى العلم والثقافة والقيم الإنسانية النبيلة كالحرية والكرامة... تذكّرته عندما قرأت تصريحين للناطقين الرسميين باسم الحزبين اللذين احتكرا "الوطنية"، كما احتكر غيرهما "الديمقراطية" و"التقدمية" و"الإسلام"....
    قال الناطق باسم الحزب "العتيد": "تزوير الأرندي للانتخابات التشريعية والمحلية سنة 1997 لم يسبق له مثيلٌ في تاريخ الجزائر، بل إني أقول إن هذا الحزب تجاوز التزوير وفق مفهومه القانوني إلى القيام بأكبر عملية سطو على إرادة الناخبين". (الخبر 1/3/2016 ص 3) وقال الناطق باسم الحزب الذي "ولد بشلاغمو" وفي "يده الكلاش": "نحن أيضا لدينا ما نقوله في انتخابات 2002، التي شهدت تزويرا منقطع النظير". (الخبر 1/3/2016 ص3).كان يفترض أن يكون الوارثون لنيجلان من بني جلدته، ولكن الوقائع تدل على أن بعض الجزائريين هم "الوارثون" لنيجلان، وقد اعترف هذان الناطقان – والاعتراف سيد الأدلة – على بعضهما..
    إن الأمر لا يخرج عن أحد احتمالين، فإن كان الناطقان الرسميان صادقين في اتهام بعضهما، والقرائن تدل على ذلك، فقد شهدا على نفسيهما بأنهما "مزورين" و"القانون يعاقب المزورين"، وإن كانا كاذبين فهما وحزباهما "مجروحين" باصطلاح المحدثين، ولا يقبلون لا للشهادة ولا للحكم...
    كنا نظن أننا استرجعنا الكرامة في 1962، ولكننا تبيّنا بعد أمة، وبعدما "راحت السكرة وجات الفكرة" أننا استبدلنا غشا بغش، وتزويرا بتزوير.
    إن الأمر لا يخرج عن أحد احتمالين، فإن كان الناطقان الرسميان صادقين في اتهام بعضهما والقرائن تدل على ذلك، فقد شهدا على نفسيهما بأنهما "مزورين" و"القانون يعاقب المزورين"، وإن كانا كاذبين فهما وحزباهما "مجروحين" باصطلاح المحدثين، ولا يقبلون لا للشهادة ولا للحكم..
    إنه ليحزنني أن يكون بعض إخواني ممن يشملهم حديث رسولنا – صلى الله عليه وسلم – "من غشنا فليس منا"، والله نسأل أن يرزقنا الصدق في الأقوال، والإخلاص في الأعمال. ولنعلم جميعا أن هذه الدنيا التي نرتكب من أجلها كثيرا من المحرمات "لا تساوي عند الله جناح بعوضة". 
    icon-tagsيكتبها محمد الهادي الحسني 

    Viollette وابن عمارة

     يكتبها محمد الهادي الحسني

    أنا، وأعوذ بالله من كلمة أنا إلا في الحق، ممن لا يفرقون بين فرنسي وآخر، وإمامي في ذلك هو الإمام الإبراهيمي في قوله: "وإلى الآن لم يرزقنا الله حاسة ندرك بها الفرق بين فرنسي وفرنسي.." (آثار الإبراهيمي.. ج3 ص95). و
    مع ذلك فبعض الفرنسيين أقل سوءا من بني جلدتهم، إن لم يكونوا في الأعمال؛ فعلى الأقل في الأقوال التي تذهب مع الريح..
    من هؤلاء الفرنسيين الأقل سوءا من قومه موريسْ فْيوليت، أحد الحكام الفرنسيين في الجزائر، الذي كان يعطي الجزائريين من طرف اللسان "حلاوة"، ولا يعترض على تَعَرُّضِهم لشمس بلادهم، واستنشاقهم هواءها. وقد اشتهر ببرنامجه الذي يدعو فيه إلى إعطاء "بعض الجزائريين بعض الحقوق". وقد كتب كتابا عنوانه: "هل سَتَعيشُ الجزائر؟". (Algérie vivera_t_elle ?)، ناصحاً فيه قومه أن سياسة القهر التي ينتهجونها ضد الجزائريين لا تذهب بهم بعيدا في بقاء حلمهم المسمى "الجزائر الفرنسية"، الذي "لا يبقى" في رأيه إلا بمعاملة الجزائريين « les indigènes » معاملة قريبة من معاملة الحيوانات... و"يلعن اللّي يْحَبّْ فرنسا".
    وأما عمارة ابن يونس فأشهر ما اشتهر به لَعْنُ الجزائريين الذين لا يحبون "سياسته"، إذا كان "التملق" -لـ(...) قاعدا وقائما وعلى جميع الهيآت- يسمى "سياسة"؛ وكثرة جداله بالباطل لإزالة جميع العراقيل التي "تعرقل" بيع الخمر في الجزائر رغم أنف الشعب الجزائري المسلم، الذي ينسب إليه ابن يونس حِزْبَهُ المسمى "الحركة الشعبية"... ولازِمَةُ ابن يونس التي يغطي بها "سَوْأَتَه" كلما أُحرِج في مسألة بيع الخمر هي قوله: "لست إماما"، "لست مفتيا". مع أن "أجهل" عجائزنا يعلم أن الخمر "خامْجَة" ونجسة، وحرام... وملعون شاربها، وعاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه...
    إن الأمر الذي جعلني أجمع في هذه الكلمة بين فيوليت وابن يونس هو خبرٌ عثرت عليه في مجلة "الشهاب" التي كان يصدرها الإمام ابن باديس، وهذا الخبر منشور في عدد جويلية من سنة 1931، ص 487.، يقول الخبر بالحرف "قدم موسيو موريس فيوليت، الوالي العام الأسبق عريضة قانون لمجلس الشيوخ الفرنسي فيها جملة من الإصلاحات التي يرى وُجوبَ إدخالها سريعا على البلاد الجزائرية، ومن جملة هاتيك الإصلاحات أنه يقترح عدم السماح بفتح محلات بيع الخمور في كل بلاد "الكومين ميكْسْتْ"، أي البلديات الممتزجة بالقطر الجزائري، ولا يَخْفى أن بلاد "الكومين ميكْسْتْ" هي الآهلة بنوع خاص بالعنصر الإسلامي..".. وقد علقت مجلة الشهاب على ذلك الخبر قائلة: "فحبَّذَا لو أن مجلس الشيوخ ومجلس النواب يوافقان على الفصل المشار إليه من هذا القانون، وحبَّذا لو يقع تنفيذه بصفة فعالة حقيقية، لا بالصفة التي يُنَفَّذ بها قانون تحجير بيع الخمر للمسلمين بالبلاد التونسية". أما تعليقي فهو أن بعض "النصارى" خير من بعض "المسلمين"، وأدعو جماعة "ابن صالح" و"العربي ولد خليفة" أن يفعلوا مثل ما فعل موريس فيوليت ولو من باب الدعاية التي يسميها بعض الجزائريين "التيبْليسيتي" أي « publicitée ».
    وفي أيام ما يسمى "الجمعية الجزائرية" قدم النواب الوطنيون مشروعا لسن قانون يمنع بيع الخمر للجزائريين، فاعترض عليه "نائب مسلم" تحت شعار: "الحرية هي مبدئي في الحياة"، وهو الذي كان ضد حرية بلده وشعبه، والغريب أنه كان عضوا في اللجنة "الدينية" التي كان يرأسها من سماه الجزائريون "سيدي ميشال".

    "أوصيكم بفلسطين"

     الأمير شكيب أرسلان (1869-1946) من أنبل وأكرم رجالات هذه الأمة العربية، لم يخلد إلى الراحة، ولم يعش لنفسه، بل عاش لقضايا أمته العادلة، وقضى سواده وبياضه حتى أتاه اليقين دفاعا عن حقوقها، وبذل في سبيل ذلك كل ما استطاع من وقت وجاه ومال، لأنه أدرك بثاقب فكره وسديد رأيه أن عزّته من عزة قومه، وأنهم إن هانوا هان، وإن ذلوا ذلّ، وإن خسروا خسر وما يزال صدى جريدته بالفرنسية « la nation arabe » يرن في الأذن ومن أهم قضايا أمتنا الإسلامية في هذا العصر، وفي كل عصر، قضية فلسطين التي ابتليت فيها بالمكر اليهودي والعتو المسيحي، حيث رأينا "اتفاق الدينين" (الصالب اليهودي، والمصلوب المسيحي كما زعموا) على الدين القيم، الإسلام، لأنهم رأوا من أتباعه تفريطا في جنب الله، وإلقاء بأنفسهم إلى التهلكة، فتفرقوا مذاهب يكفر بعضها بعضا، وسفهوا أنفسهم فبذروا المال في التافهات، و"عادوا" العلم..واحتقروا العمل، واستمرأوا الكسل، واتخذوا أعداءهم أولياء من دون الله وصالح المؤمنين..خاصة إذا كانت هذه الولاية من غير إكراه أو اضطرار.
    من آخر ما وصى به الأمير شكيب أرسلان قبل أن يغادر الفانية إلى الباقية قوله "أوصيكم بفلسطين"، وذلك منذ سبعين سنة، فكانت وصيته مما ينطبق عليه مثلنا الشعبي "وصية الميت على أولاده"، وكان أكبر المفرطين في هذه الوصية هم أكثر المسئولين العرب والمسلمين، الذين قالوا – وما يزالون يقولون- في فلسطين بأفواههم ما ليس في قلوبهم.. بل إن بعضهم أشد عداوة لفلسطين من اليهود الصهاينة الذين اغتصبوها، وأخرجوا أهلها من ديارهم، وشردوهم في مشارف الأرض ومغاربها، إن آخر صورة تجلت فيها خيانة المسئولين العرب لفلسطين هي ما تم في "المقهورة" منذ أيام قليلة من إسناد "الأمانة" العامة لهذه المسماة "الجامعة العربية" لمن لا يؤمن بها... ولأهم قضية فيها، وهي قضية فلسطين..
    كان الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله- إذا سئل عن "الخليفة" المأمون، صاحب كارثة "خلق القرآن"، إذا سئل عنه قال: "لا مأمون" ونحن نقول عن هذا "الأمين" إنه "لاأمين"، ولا أستبعد أن تتولى إسرائيل "دفع مرتبه"، فهو أشد حرصا عليها من اليهود أنفسهم.. وقد أظهر شواهد الإخلاص لليهود الصهاينة عندما كان وزيرا لخارجية المبارك على الصهاينة...
    إن ما بقي من"عزة" و"كرامة" في هذا الهيكل المسمى "الجامعة العربية" سيستأصله هذا الموصوف بغير صفته..إذ ليس فيه من الأمانة إلا الاسم، وسيبوء بإثمه كل من "زكاه" ووافق على تعيينه.

    عن حميش وأركون

     جادلت الأخت أسماء بن قادة – في ركنها الأسبوعي "في العمق" الذي تنشره في جريدة "الخبر" – عن الأستاذ م.أركون، منتقدة كلاما صدر عن الأستاذ سالم حميش، وزير الثقافة المغربي السابق، في حق الأستاذ أركون.
    لقد بدا الأستاذ حميش في كلامه الجديد عن أركون مناقضا لنفسه، فبعدما كان معجبا بأركون، مشيدا بفكره، "معلنا عن تنظيم مؤتمر لتخليد ذكراه والاستفادة مما أنتجه من فكر"، إذا به يراه – في رأيه الجديد – أقل من نظيريه حارسي الفكر الاستشراقي في المغرب العربي هشام جعيط التونسي، وعبد الله العروي المغربي، الذي كان له مزية دفع الأستاذ مالك ابن نبي لكتابة رسالته "إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث"، التي كتبها بعد صدور كتاب عبد الله العروي "تاريخ المغرب..." نشرها أول مرة "مسجد الطلبة"، - بجامعة الجزائر- وكان لي شرف كتابة عنوانها... والحقيقة هي أنهم جميعا (جعيط وأركون، والعروي) ممثلون للاستشراق الفرنسي، ومروّجون له في المغرب العربي، وأنهم ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل: "الطير يغني وجناحو يرد عليه". وليس معنى هذا أنهم غير مصيبين في بعض ما ذهبوا إليه من انتقادات للفكر "الإسلامي"، كما أن الذين انتقدوهم لهم نصيب من الحق، وهكذا الناس "كلهم خطاءون"، "وكلهم راد ومردود عليه إلا سيد البشر" من عرب ومن عجم – صلى الله عليه وآله وسلم – وأمثلهم من لم يصر على الحنث العظيم.
    أخشى أن يكون رأي أختنا أسماء الحديث في الأستاذ أركون غير رأيها القديم فيه، ويبدو أن رأيها الجديد لا ينطلق من قناعات فكرية، بقدر ما ينطلق من اعتبارات نفسية، رغم ما يبدو عليه هذا الرأي من وجاهة، بسبب تناقض الأستاذ حميش نفسه..
    لم يقدّر لي أن ألتقي الأستاذ حميشا، ولم أستمع إليه، ولكنني قرأت له كتابا واحدا هو "الاستشراق في أفق انسداده"، وقد استفدت منه في بعض ما قلت وما كتبت.. ولكنني استمعت إلى الأستاذ أركون في محاضرتين، ألقى إحداهما في ملتقى الفكر الإسلامي في فندق الأوراسي، وألقى ثانيتهما في ملتقى الفكر الإسلامي ببجاية، وقد أثارتا ردودا حتى إن الأستاذ محمد الأكحل شرفاء كتب مقالا عن "اليوم المشهود" في الأوراسي، وهو "يوم أركون". وقدّر لي أن ألتقي مع الأستاذ أركون على مائدة عشاء أكرمنا – أركون والعبد لله- بها الأستاذ محمد زايدي في منزله بباريس، وكان نائبا لسفير الجامعة العربية هناك في 1987. ورغم أن الأستاذ أركون تذكرني بوصفي له في تعقيب لي بأنه "حوته مطلية بالصابون" لمراوغاته، فإنه كان لطيفا، ظريفا، وإن بدا منه سلوك "غير سوي". وشكرا للأخت أسماء على جهودها.

    الدينار... وشلاغمو!

     حكاية انهيار الدينار على أيدي الأورو والدولار، لا تختلف كثيرا عما يحدث للخزينة العمومية بسبب أزمة البترول، والحال أن الخبراء مازالوا غارقين في التنظير والفلسلفة بعيدا عن منطق اقتراح الحلول والبدائل القابلة للتطبيق، وليس تلك الموجهة للتجميد في الثلاجة!
    تحليل الحكومة لا يختلف كثيرا عن تحليل الاقتصاديين، من حيث التخويف و"الترجيف"، لكن لو اجتمع الطرفان، حول طاولة واحدة، تكون مشابهة مثلا لقمة الثلاثية أو الرباعية، لربما عثروا على مخرج النجدة ولو بالصدفة أو عن طريق "الزمياطي" وضرب خط الرمل!
    يا حسراه عندما كان الدينار بشلاغمو.. عبارة يرددها بلا تردّد وبكلّ تعدّد، أطياف الجيل القديم من آبائنا وأجدادنا، فيُروى والعهدة على الراوي، أن "الدورو" كان أغلى من الأورو، أو ما كان يسمى آنذاك بـ"الفررو"، وعندها كان الجزائري قويا ومحترما بجيبه وعملته!
    الآن، الدينار تحوّل لعدّة اعتبارات مالية واقتصادية، إلى رزمة "كواغط"، لا حاجة بها لمرافقتك إلى خارج البلاد، اللهمّ إلاّ من أجل التونـّس بها والتمتع بتلك الصور الجميلة التي تعيدنا إلى ذكريات لا يُمكن نسيانها ولا ينبغي تناسيها بأيّ شكل من الأشكال!
    الدينار المسكين، حتى عندما يقصد المسافر الجزائري شباك الصرف على مستوى المطار الدولي مثلا، فإنه يصطدم بطابور طويل من البشر والشجر والحجر، كلّ ينتظر دوره لبيع قنطار من الدينار بورقة أو ورقتين من الأورو والدولار، وهذه هي الطامة الكبرى!
    ولأن الدينار مسكين فعلا، فإن الموظف في الشباك، عندما يصل دورك في الطابور الفوضوي، يُفاجئك بسلسلة من الشروط لتبديله بأبخس الأثمان، فيطلب منك دون سابق إنذار، تذكرة السفر، ونسخة من ورقة الحجز الالكترونية، وتصوّر أيها الدينار كيف أن من يُريد بيعك بالدوفيز، ليشتري علب شيكولاطة، يسيل عرقه بحثا عن ناسخة، لكنه لا يجدها في المطار، فيتراجع عن بيع ديناره ويُسافر به بدل دوفيزهم!
    هذا هو الواقع المرّ: 120 أورو مقابل نحو 15 ألف دينار جزائري، وهذا بالسعر الرسمي، أمّا إذا قصدت سهوا أو بشكل اختياري أو اضطراري سوق "السكوار" لبيع وشراء الدولار والدولار بالدينار، فإنك ستبكي الدم بدل الدمع، وتتأكد أن الصوردي "راح في كيل الزيت"، فالله يرحمها ويتغمدها برحمته الواسعة ويُسكنها فسيح جناته ويُلهم ذويها جميل الصبر والسلوان! 

    شتّان بين رحيل ورحيل


    كثيرا ما نقرأ على صفحات الجرائد، ونسمع في واقعنا أخبارا تدمي القلوب، لعباد لله مسلمين أغراهم الشّيطان بسلوك سبل الغواية وأوقعهم في مستنقعات الشّهوات والموبقات، وبلغ بهم إلى حيث بلغ بأمم سابقة سلّط الله عليها أليم عقابه. لكنّنا في المقابل نقرأ ونسمع في أحيان أخرى أخبارا تبعث على الأمل، وتدلّ على أنّ الخير في هذه الأمّة سيبقى إلى قيام السّاعة.
    في ليلة الجمعة الماضية، توفّي في مدينة زيغود يوسف، بولاية قسنطينة، رجل صالح –نحسبه كذلك- في أثناء صلاة العشاء، وهو بين الرّكوع والسّجود بين يدي ربّ الأرض والسّماء، بعد أن عاد من عمله وجلس مع والدته وآنسها ومازحها.. قُبضت روحه في ليلة مباركة في مقام هو أشرف مقام للعبد في هذه الحياة، ودفن بعد أن صلّى عليه جمع غفير من النّاس بُعيد صلاة الجمعة ودعوا له بالرّحمة والمغفرة.
    إنّها خاتمة حسنة يتمنّاها كلّ عبد مؤمن مخلص لله، يرجو أن يلقى خالقه ومولاه على طاعة من الطّاعات، ليبعث يوم القيامة على ما مات عليه، ولا شكّ أنّ مثل هذه الخواتيم لا تنال بالأمنيات، لكنّها تنال بالطاعات والقربات؛ فمن سنن الله الماضية أنّ عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه.
    عندما نسمع ونقرأ عن مثل هذه الخواتيم، نحسّ بحقارة هذه الحياة الدّنيا، ويزداد يقيننا بأنّها ظلّ زائل وسنوات معدودات، طوبى لمن قضى أيامها ولياليها مقبلا على طاعة الله، لا همّ له إلا أن يرضي خالقه ومولاه.. سنوات معدودات، لا يعلم عددها إلا الله عالم الغيب والخفيات.. ولا يضرّ العبدَ المؤمن لو عاشها في طاعة الله أن كان من أفقر عباد الله، ولا ينفعه لو عاشها يتقلّب في سخط الله أن كان من أغنى أهل هذه الدنيا، في الحديث أنّه يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا ربّ، ويؤتى بأشدّ النّاس بؤسا في الدّنيا من أهل الجنّة، فيصبغ صبغة في الجنّة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مرّ بك شدّة قطّ؟ فيقول: لا والله يا ربّ، ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط.
    سنوات معدودات إمّا أن يثقل فيها ميزان العبد بالحسنات وإمّا أن يثقل بالسيّئات. "كلّ النّاس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها".. سنوات معدودات، فما الذي يغري الواحدَ منّا بإضاعتها في الغفلة عن الله؟ ما الذي يمنعه المحافظةَ على الصلاة في بيت الله؟ ما الذي يحول بينه وبين صون لسانه عن الخوض في أعراض عباد الله، وعينه عن النّظر إلى ما يسخط الله، ويده عن أخذ الحرام وإعطاء الحرام، وجوفه عن أكل الحرام؟. ماذا يخسر الواحد منّا لو عاش هذه السّنوات المعدودات في خصاصة من متاع الدّنيا ثمّ لقي الله وهو راض عنه؟ لقي الله وقد دمعت عينه أكثر من مائة مرّة من خشية الله، وقد مضى من عمره أربعون سنة أو خمسون أو ستون لم يؤخّر صلاة عن وقتها.. لقي الله وقد صام أكثر من ألفي يوم في سبيل الله.. لقي الله وأبوه عنه راض وأمّه عنه راضية.. لقي الله وليس بينه وبين أحد من عباد الله عداوة ولا شحناء.. لقي الله وقد تاب من كلّ خطيئة ومعصية... وفي المقابل، ماذا ينفع الواحدَ منّا لو عاش هذه السّنوات المعدودات يأكل ويشرب، وينام ويصحو ويلهو ويلعب، ثمّ لقي الله بعد هذه السّنوات بقلب أقسى من الحجر، وبعين لم تدمع يوما من خشية الله، وبصحيفة مثقلة بالكبائر والأوزار والمعاصي والذّنوب.. لقى الله وقد نام عن صلاة الصّبح أكثر من 7 آلاف يوم، وهو قد اغتاب إخوانه المسلمين أكثر من 100 ألف مرّة، وقد أغضب والديه أكثر من 500 مرّة، وقد دخّن أكثر من 150 ألف سيجارة، وقد نظر إلى النّساء أكثر من 30 ألف مرّة، وقد قضى في هذه الدّنيا عقودا من عمره ذاهلا عن الموت، حتى فاجأه من غير ميعاد.
    هذا، وذاك يموتان، لكن شتّان بين موت وموت، شتان بين من يرى عند الاحتضار ملائكة بيض الوجوه، وبين من يرى ملائكة سود الوجوه.. شتان بين من يبيضّ وجهه عند الموت وبين من يسودّ وجهه عند الاحتضار ((يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه)).. شتان بين من تُنادى روحه "أيّتها الرّوح الطّيّبة"، وبين من تنادى روحه "أيّتها الرّوح الخبيثة".. شتان بين من يبشّر في لحظات موته بمقعده في الجنّة وبين من يعزّى بمستقرّه في النّار.. شتّان بين من يساق يوم القيامة في زمرة الذين اتّقوا ربّهم، وبين من يحشر في زمرة الذين ظلموا أنفسهم.
    نسأل الله أن يحسن ختامنا ويجعل خير أيامنا يوم نلقاه.

    حزب فلسطين الأكبر

     للصهيونية حزبها وأتباعها وخدّامها وموالوها والموطئون لها، وهم ينتشرون في كل مكان: في السياسة والثقافة والاداب والفنون... ولفلسطين حزبها وابناؤها ومحبوها ومناصروها المنتشرون في كل مكان.. والصراع بين حلف الصهيونية وحلف فلسطين والمعركة حقيقية ودامية ومتشعِّبة وهي متواصلة ومستمرّة تأخذ أشكالا عدة وعناوين مختلفة تخبو حينا وتضطرم احيانا، تخمد هنا وتشتعل هناك، وهي لا تتوقف الا لتنبعث اقوى من ذي قبل.
    قبل ايام، مرّت ذكرى استشهاد راشيل كوري، الفتاة الامريكية التي تصدت لجرافات العدو الصهيوني بجسدها فسقطت شهيدة على حدود فلسطين الجنوبية، وبالامس توفي "انكر يورجنسن" رئيس وزراء الدنمرك الاسبق الذي كان من اشد المناصرين لفلسطين، وفي امريكا ينتفض احرار من شتى الاديان نصرة لفلسطين وتصديا لسياسات الادارة الامريكية المتغطرسة التي تزود الكيان الصهيوني بكل آلات البطش.. وهؤلاء الاحرار يتواجدون في اوروبا والامريكيتين وفي اسيا من غير العرب وغير المسلمين.. في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا وكل دولة اوربية هناك قادة ومفكِّرون وزعماء وصحفيون وفنانون أخذوا مواقعهم في حزب فلسطين يتعرَّضون لكل ادوات العدوان من لوبيات الشر الصهيوني في الغرب، لكنهم ثابتون بكل انفة وكبرياء.
    صحيح ان نصف الشعب الفلسطيني تمّ طرده خارج فلسطين.. ولكن الصحيح أيضا ان حزب فلسطين اكبر من الشعب الفلسطيني ولهم من الولاء والحب والحضور المعنوي والمادي ما لا يقل عن تفاعل الشعب الفلسطيني وحيويته، فهذه الشعوب العربية والاسلامية التي تملأ الميادين وتفيض حبا وعشقا لفلسطين وتدفع بخيرة ابنائها تدريبا وجاهزية من اجل يوم موعود سيحسم فيه الصراع حتما لصالح الحق والخير والسلام.
    إن حزب الصهيانة نشيط وفعال، وهو يحيك المؤامرات من اجل تفتيت جبهة فلسطين وحرمان حزب فلسطين من التواجد في مصادر القرار وحرمانه من توجيه ضرباته حيث ينبغي، فيصنعون امامه الألهيات والحروب الوهمية لاسيما في الكتل الكبرى في بلاد العرب والاسلام.. يصنعون لنا معارك بعناوين تفسخ مكوّناتنا وتشوّه مقدساتنا وتجعل كل جميل فينا عرضة للتشرذم والتبعثر.
    في حزب فلسطين برز رجال كبار في الماضي والحاضر زعماء كبار، ففي الجزائر كان الابراهيمي العظيم وهواري بومدين ومحفوظ نحناح ومساعدية ومهري وسواهم الكثير الكثير من الذين قضوا نحبهم ومن الذين لا يزالون ينتظرون وعد الله بالنصر، وفي كل بلد عربي واسلامي تبرز قيادات حزب فلسطين، ومن خلف الجميع تقف الامة بحسِّها وضميرها واستعدادها للبذل والعطاء.
    ولن يكون الصراع في هذه المنطقة بين أمتنا بما تمثل من منهج خير وسلام وقيم جميلة ومؤمنين بالحق والنبل والانسانية وبين الغرب وما يمثل من نظام رأسمالي امبريالي عنصري استعماري استكباري مجرم، الا على محور واحد انه محور فلسطين-الصهيونية الذي يصطف على طرفيه المتصارعون في معركة سيكون لنتائجها الاثر البالغ على صياغات عالمية في المسيرة البشرية.
    إن فلسطين سفينة النجاة لأمتنا ولنخبنا المثقفة تخرجنا من بحر متلاطم باجتهادات الفتنة والافكار الميتة المميتة والنفسيات المحطمة المشوهة.. فلسطين سفينة النجاة لامتنا وللإنسانية لإسقاط الظلم والشر والخديعة والفساد والاستكبار والعنصرية.. ما اكبر حزب فلسطين وما اجمله وما اروعه.. انه الحزب المنصور لانه يعبِّر عن الضمير الانساني ونداء الفطرة الاصيل.. تولانا الله برحمته.

    انتقام مزطول!

     مثيرة للاشمئزاز والشفقة، حال ذلك الوفد المغربي الرسمي، الذي حضر مؤتمرا دوليا حول محاربة المخدرات، بولاية تلمسان، مؤخرا، ثم انسحب احتجاجا على رفض الجزائريين الحاضرين انغماس المخزن في تهريب الحشيش والزطلة بالقناطير والأطنان!
    نقيب المحامين بتلمسان قالها بالفم المليان: "أوقف علينا مخدراتك يا أمير المؤمنين".. هي العبارة التي يبدو أن الوفد المغربي احتج وانسحب بسببها بعدما تلقى في أغلب الظن مكالمة هاتفية تأمره بهذا الانسحاب، في إطار التضامن المخزني بشأن تقنين زراعة المخدرات وحرية تصديرها إلى الجيران من أجل تسميمهم بها وهم يضحكون!
    المخزن يُريد من جارته الشرقية أن ترضى بمخدراته وباحتلاله الصحراء الغربية. ولذلك انسحب رئيس حكومة المغرب في وقت سابق، من جنازة الرئيس بن بلة، لا لشيء إلا لأن الرئيس الصحراوي كان بجواره، وكذلك، الوفد المغربي ينسحب من مؤتمر المخدرات، لا لشيء أيضا إلا لأن نقيب المحامين دعا إلى شدّ قنبهم الهندي علينا!
    الظاهر أن نكتة "الحشيش مثل الكرموس"، التي أطلقها زعيم حزب الاستقلال، المدعو حميد شباط، تحوّلت إلى مبدإ يسيّر المجموعة التي تسبّح بحمد المخزن، فهم يعتقدون أنهم يهرّبون ويصدّرون "الكرموس" إلى الجزائريين وغيرهم، وبالتالي، يجب على "الضحايا" ألا يجرّموا العملية أو يتصدّون لها!
    كان بالإمكان الصمت، ولو مؤقتا، لو تعلق الأمر مثلا بتصدير الدواء والغذاء والتين والزيتون وحتى البرتقال، لكن أن يتمّ إغراقنا بالزطلة والكوكايين والهيروين، ويُستهدف بالمقابل، الجزائريون في رزقهم وقوتهم ووقودهم، فيتمّ تهريبها عبر الحدود المغلقة، فهذه "مقايضة" لا يقبل بها سوى تاجر مغفـّل أو زبون "جايح"!
    الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، لم توقف التهريب والنهب المبرمج، لكن القرار فرمل مشروع استنزاف الاقتصاد الجزائري، وخفـّف من الأضرار، حتى وإن كانت الجزائر تدفع الثمن غاليا، نتيجة المخطط الجهنمي الذي يستهدف الشباب والخزينة العمومية، ولأن المخزن لم يجن ما أراده، فهو يلحّ إصرارا على إعادة فتح الحدود، دون أن يلتزم بـ "الشروط" الموضوعية التي حدّدتها الجزائر لحماية ظهرها من الغدر والخيانة!
    انسحاب الوفد المغربي من مؤتمر مكافحة المخدرات، هو دليل آخر على أن المخزن يُريد "تزطيل" الشباب بالقوّة و"العافية"، أو في أحسن الأحوال بالتحايل، ولهذا لا غرابة إذا انسحب أو سحب أو "ندب"!
    • print

    icon-comments التعليقات
    13

    • author-figure
      abdou - algerie2016/03/22 على 08:35
      1
      سياسة الزطلة قديمة كانت تمارسها بريطانيا في الصين...لتزطيل و تنويم الشعب الصيني لكن هيهات...
    • author-figure
      saido - italie2016/03/22 على 09:33
      2
      Bravo monsieur! C'est exactement le trés bas niveau et le top de la propagande stupide qu'on attend normalmente des pseudojournalistes fantoches du regime. ......que pensez vous monsieurs des psycothropes, des drogues solides. .....et selon votre genial interpretation des faits qui sera derriére pour destabiliser le japan de l'afrique
    • author-figure
      2016/03/22 على 10:22
      3
      السلام عليكم
      شكرا ....
      "جــــار أمجور في الحيــط أمصور"
      مصرون على مواصلة نفس السياسة، واغراقنا بالسموم لتدمير شبابنا ؟
      شكرا
    • author-figure
      عبد الواحد - رأس الوادي2016/03/22 على 11:02
      4
      كنا نظن الجارة الشقيقة المغرب أحسن الظن خصوصا في ظل المغرب العربي الذي غربت شمسه ولم تشرق أبدا ولاسيما عندما غير إخواننا الخليجين الخارطة وجعلوا المغرب في مشرقهم هي أندر نكتة على مر العصور هذا المغرب الذي يرفض ان يكون مغاربيا ويصر ان يقول (خالي الحصان) وينكر نسبه لشعوب مثل ليبيا الجزائر وتونس و يصر أن يسمي الفأر جربوع لكي نأكله حلالا (اي المخدرات) يوكلنا كرموسو بدون زي الزيتون ناشف . لكن نقول لك يامصدر الزطلة كما قال المثل كنا نحسبوك شجرة وفيك الكرموس لقيناك ....... وفيك الناموس
    • author-figure
      وهراني 2016/03/22 على 16:19
      5
      المشكل ليس في جارتنا المغرب المشكل فينا نحن فان لم نشتريها فكيف لها بدخول اراضينا ادا اردنا التغيير فنغير انفسنا و لا نعلق اخطاءنا على الاخرين على سبيل المثال جريدتكم نشرت مقالا كيديا ضد استادة و منعت من حق الرد من طرف رئيس القسم الجهوي بوهران لان زوجته هي صاحبة المقال (شنون ) تحت اشرافك نظف جريدتك من الصحفيين الغير المسئولين ثم اسعى الى تنضيف البلاد من السموم
    • author-figure
      abdel - maroc2016/03/22 على 18:47
      6
      الجهل المركب في سوق الجاهلية المخدرات تدخل عبر حدود مغلقة حلل وناقش !!!مستوى يدل على الانحطاط الدي وصلنا اليه في عالم اشباه المثقفين واشباه الصحفيين واشباه السياسيين فعلا هدا زمانكم وكما قال محمود درويش خدوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا الجزائر باقية والمغرب باق وانتم غير مأسوف عليكم لم أر ولم اسمع عن امة تسعى الى تمزيق نفسها غريب جدا جدا وصدق من قال عن القابلية للاستعمار
    • author-figure
      fb zayed ziyad balak - المغرب2016/03/22 على 21:50
      7
      سيستمر تدفق المخذرات و ما لا تعلمون و يمكنكم أن تشربوا البحر , لا نية لدينا
      في تقليص الانتاج بل سنزيد من المساحات المزروعة و سنجلب أنواع جديدة الى
      المنطقة و هدفنا طبعا هو إرضاء زبناءنا الكرام في الجزائر و نستغل هذه الفرصة
      لنؤكد لهم بأننا نلتزم بتسليم البضاعة في الوقت المحدد
    • author-figure
      الجمعية الجزائرية لاحياء الروح الوطنية للشباب والطفولة - القسم الإعلامي2016/03/22 على 22:23
      8
      لاتقلق ياجمال ...فهم مجبرون ...اتراهم يشاركون بأمر وينسحبون بأمر أخر ..تلك ديدانهم دائما ...وكن على ثقة أن الشعب المغربي يقتات من الحشيش مجبرا لامخيرا لأن الملك يريده مهلوسا لايعلم من يحكمه ولامن هو يقوده
    • author-figure
      bader2016/03/22 على 23:05
      9
      والله لو قارنت الصورة التي وضعتها للملك وصورة بوتفليقة لعرفت من هو المزطول اتمنى ان تضع صورتهم الاثنين ليكن لك على الاقل نضرة التمييز

    icon-add-comment أكتب تعليقا

    اسمك*
    بريدك الإلكتروني*
    البلد
    عدد الأحرف المتبقية 500
    أدخل الرمز التالي Captcha
    icon-send