blog spot

Sunday, March 20, 2016

عنف ... والله أعلم !!






من أغرب وأطرف ما سمعت، إن شركة المياه اتهمت شركة الغاز بـ"الاعتداء" على أنابيبها في إحدى مناطق الجزائر العاصمة، وهو ما حرم زبائنها السكان من ماء الحنفية، وفرض عليهم العطش

هكذا والله، "الضحية" لم تجد من كلمة تستعملها ضد "المتهم" سوى "اعتداء"، فلاحظوا معي كيف تنتشر لغة العنف بكلّ ترف، فالاعتداء والعياذ بالله يُوظف حتى مع شبكات صرف المياه والقاذورات، وهذا مؤشر آخر على انزلاق الأفراد والجماعات نحو مستنقع التعنيف!
الخطاب داخل الأسرة ووسط المجتمع، في المدرسة والجامعة، في الشارع والإدارات، يفضل في الغالب كلمات عنيفة، وأحيانا "بذيئة"، لكن للأسف، تحوّلت إلى لغة مفهومة ومتداولة بقوة بين هؤلاء وأولئك!
لقد ضيّعنا لغتنا الجميلة، ولم نعد في مجملنا نستعمل سوى سبّ وسباب وتهم وقذف وتحامل وتطاول وإهانة وإساءة واستفزاز، كلغة جديدة يضمنها القاموس الجديد للغة تفاهم وتواصل الأجيال!
إذا كان هذا هم حال اللغة، فمن الطبيعي، أن تنتشر الجريمة بهذا الشكل المُرعب الذي يهزّ كيان المجتمع ويعصف بهدوئه وسكينته وطمأنينته، ويجعله لعبة تتقاذفها سكاكين وشواقير خريجي السجون ومرتادي الانحراف والإجرام الذي أصبح شركة "صارل" للتوظيف المضمون!
عندما تنزل إلى الشوارع والساحات العمومية والأسواق، تـُدرك الخطر الذي يُبهدلنا ويفضحنا، فلقد تعايش المجتمع وتكيّف مع "بذاءة" تمزق الأذن، والأخطر من ذلك، إن "الجماعة" لم تعد تتدخل لحماية ذوي "الحسّ المرهف" وتجنيب المحترمين خدش الحياء وانتهاك الآداب العامة!
لم يعد الوالد مؤمّنا وهو مع ابنته، في الشارع، وربما حتى في البيت، ونفس الحال بالنسبة للزوج مع زوجته، والأخ مع أخته، والابن مع أمه، فكلّ الكلام غير المباح "مسموح به" للتكرار وتكسير الحرمة والحشمة فوق رؤوس بقايا المؤدبين في هذا الزمن غير المؤدّب!
نعم، المسؤولية مشتركة، لكن توزيع دمها بين الفرد والأسرة والمدرسة والمحيط والمسجد والشارع والردع، جعل الحديث عنها كمن يؤذن في مالطا، أو يسأل عن وجهة القبلة في جزيرة بالي، ولذلك، ساءت الألفاظ وسقط الأدب وانتحرت الأخلاق، ولم يعد للاحترام معنى، فلا حول ولا قوّة إلا بالله!
المصيبة إن "عنفنة" المجتمع، لم تعد تفرّق بين كبير وصغير، ولا بين وزير وغفير، ولا بين مصلّ وتارك الصلاة، ولا بين محافظ ومتحرّر، ولذلك يعتدي هذا على ذاك، ويتحوّل "الاعتداء" إلى السهل الممتنع في تقريب العلاقات والتخاطب بين المعتدين والمعتدى عليهم!
عن جمال لعلامي 

No comments:

Post a Comment