طلع "البدر" علينا؟

ADVERTISEMENT
لم ينقص المهللين لعودة وزير الطاقة السابق السيد شكيب خليل، وهو يعود إلى الجزائر، التي حمل فيها أثقل حقيبة وزارية في البلاد، لمدة قاربت الثلاث عشرة سنة، سوى أن يضربوا له الدفوف، ويغنوا "طلع البدر علينا"، ليس إيمانا منهم بأن الرجل من إطارات البلاد، وعباقرتها الذين ظلموا وعددهم بالآلاف، وإنما للسير خلف نفس التيار، الذي يُسوّد صورة رجل في الصباح، ويُبيّضها في المساء، من دون أن يقدم دليل إدانة في التلوين الأول، ولا حتى دليل براءة في التلوين الثاني، ومع ذلك نتمسك بقطرة أمل، وننتظر تحقق بعض الوعود، حتى لا يكون كلام عمار سعداني عن ضرورة استرجاع الإطارات المُهمشة والمُهجرة، مختصرا في شخص وزير الطاقة السابق، الذي لم يكن الشعب معنيا بمنحه إدارة بنوك البلاد، ولا معنيا بمنحه حقيبة "قوت الجزائريين"، ولا معنيا بالتهم الثقيلة التي طالته، ففرّ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولولا "تمتعه" بالجنسية الأمريكية، لزجّ به "ظلما" في غياهب السجون، والشعب بالتأكيد غير معني، بإعادته إلى أرض الوطن معززا مكرما، وغير معني بمنحه منصب جديد مستقبلا، قد يكون أهمّ من وزارة الطاقة.. عفوا لا يوجد أهم من وزارة الطاقة

مشكلة الجزائر الكبرى، هي اختلافها شعبا وقيادة، مع الذاكرة، فقد أخرج في الفترة الأخيرة بعض الذين كانوا يقولون بأنهم من صنّاع الثورة دفاترهم، فصاروا يًخوّنون بعضهم البعض، بل ويعدّون أرقام الحركى، حتى تخالهم أكثر من أعداد المجاهدين، وتبعهم الذين كانوا يقولون بأنهم من صنّاع التنمية، فكشفوا الكثير من الحقائق والكثير من الأباطيل، ليجد المواطن الآن نفسه تحت صدمة "التبييض"، وهو لم يفق بعد من صدمة "التسويد" التي طالت صورة السيد شكيب خليل.
نعترف الآن، بأنه ليس من حقنا، وأصلا ليس بمقدورنا، أن نحكم على وزير الطاقة السابق، لأننا وجدنا أنفسنا، أمام سيرتين ذاتيتين، لشكيب الذي باع ثروات الجزائر من دون مزاد علني، وخليل العبقري الذي نبغ علما وتكنولوجيا فتم استرجاعه، تماما كما فعل السيد روراوة مع لاعبي الكرة  من مزدوجي الجنسية، وآخرهم ياسين بن زية، وستجد "ويكيبيديا" نفسها في مأزق حقيقي، في تقديم رجالات الجزائر، قديمهم وحديثهم، بسبب هذه القراءات المتناقضة التي يكتبها نفس الأشخاص، فيجعلون طبعتها الثانية، معاكسة بالكامل لطبعتها الأولى.
الطيبون في هذه البلاد، يظنون بأن السيد شكيب خليل، قادر على رفع سعر النفط الذي انهار إلى الحضيض، ويظنون بأن وزارة النفط في الجزائر ومؤسستها الكبرى، جامعة علمية تحتاج إلى التكنولوجيا والكفاءات الخلاقة لتسييرها، بالرغم من أن التاريخ أكد دائما، بأن تجارة النفط، خاصة في الجزائر، تختلف عن كل أنواع التجارة، فمُحدّد السعر، والمشتري والمتحكم في المتجر، ليس هو البائع وصاحب الثروة، الذي يبقى مجرّد آلة يتم تحريكها، من لوزان أو من نيويورك أو من باريس أو من طوكيو.. وليس من الجزائر؟