blog spot

Monday, December 28, 2015

عندما يرفض نعش الدا الحسين الاحتواء؟!


ستكون جنازة الراحل آيت أحمد مختلفة عن جنازات كل زعماء الجزائر الذين رحلوا.. ستكون جنازة شعب وليس جنازة نظام أو سلطة.. آيت أحمد الذي كانت حياته النضالية حالة خاصة، هاهي جنازته أيضا ستكون جنازة خاصة.
السلطة حاولت كعادتها احتواء هذا التعاطف الشعبي مع الرجل، من خلال إقرار حداد وطني وجنازة رسمية.. وبات واضحا أن السلطة لا تريد لجنازة هذا الراحل أن تأخذ أبعادا أخرى قد تجعل من وفاة هذا الزعيم ميلادا لديناميكية وطنية جديدة، أي أن جنازة آيت أحمد قد تتحول إلى جنازة لبقايا النظام المهترئ، ولذلك حاول هذا النظام ركوب الموجة.. ولكنه لم يوفق حتى في إخراج هذه المسرحية التي حاول بها احتواء جنازة زعيم ميت، أحيا موته الوطنية في شعب بأكمله من أقصاه إلى أدناه.
الرئيس لم يعز عائلة الراحل إلا بمرور 24 ساعة على إعلان خبر وفاته، وفعل ذلك بعد أن أعلن الحداد مدة 8 أيام، في ترتيب مريب بين إعلان الحداد ورسالة التعزية.. فالأعراف تقول إن التعزية تأتي قبل إعلان الحداد.. لكن جماعة الرئيس لم تستطع كتابة رسالة التعزية في الوقت المناسب، فقررت إعلان الحداد أولا ثم إرسال التعزية.
قد تكون للقضية جوانب أخرى لا نعرفها.. لكن حالة محاولة الاحتواء السلطوي للتعاطف الشعبي مع الراحل واضحة ولا تحتاج إلى تأكيد.
- لابد أن نفهم الرسالة التي بعث بها المرحوم آيت أحمد إلى الشعب الجزائري، حين رفض الجنازة الرسمية وركوب جثمانه في الطائرة الخاصة ودفنه مع من ناضل ضدهم في حياته في مقبرة العالية.. أي أنه يرفض لقاء هؤلاء حتى في المقبرة أو.. “الآخرة”، كما رفض ممارسة الحكم معهم في الدنيا.. هذه رسالة أولى. والرسالة الثانية هي أنه يريد أن يقول للشعب الجزائري اجعلوا من رفاتي لبنات سياسية لتحقيق حلم الحرية والاستقلال الذي مات بعد 70 سنة نضالا ولم ينجزه! وعلى الشباب اليوم اتباع مسيرة هذا الثائر.
- لقد كان الدا الحسين فعلا في حياته “عظما قاسيا” في حلق النظام، أكثر قساوة من أي سياسي معارض آخر.. وهاهو اليوم يعطي بطريقة رحيله إلى الملأ الأعلى المثال أيضا للشباب: كيف يرحل العظماء عن الحياة ولكنهم يبقون أكثر تأثيرا في الحياة ربما بصورة أكثر من وجودهم في الحياة.
لاشك أن الشباب اليوم، الذي يبحث عن طريق للانعتاق مما هو فيه من هزال وهوان، سيجد في المثل الذي أعطاه الدا الحسين في حياته وفي مماته، النموذج الذي ينبغي أن يحتذى به في هذه الظروف العصيبة، والتي هي بالتأكيد أسوأ من ظروف البلاد سنة 1954، من حيث الضياع والهوان والفساد!

No comments:

Post a Comment