blog spot

Tuesday, December 15, 2015

ما أكثر النزهاء في بلادي!


ما أكثر النزهاء في بلادي!


يتذكر أغلب الجزائريين وإلى اليوم ذلك الخطاب الشهير للرئيس الراحل هواري بومدين الذي قال فيه: "المناضل البسيط كان يخرج من حدود الولاية الرابعة، من الونشريس وهو هاز الشكارة انتاع الدراهم (يحمل كيس الأموال)، ويوصلها حتى إلى مغنية ما يخصش (لا ينقص) منها فلس واحد..." يتذكرونه باعتباره يُقدِّم أنقى صورة للجزائري النزيه والعفيف الذي تربى على القيم العالية والأخلاق السامية من أداء الأمانة إلى التحلي بالطهارة والنزاهة والترفع عن مد يده إلى المال العام.. ويتذكرونه لأنهم أكثر من يدرك أن ذلك كان هو أساس الثقة التي سادت بين المناضلين في القاعدة وقياداتهم في القمة، وأساس النصر الذي تحقق على أرض المعركة، ويتذكرونه لأنهم في حقيقة الأمر يتوقون إلى أن يكونوا كذلك وإلى اليوم.













ما من جزائري أصيل إلا ووجد نفسه في مثل هذا الخطاب الذي يعكس حقيقةً كانت سائدة، وما من مواطن اليوم إلا وأحس أن أكبر ما خسرنا طيلة عقود من الاستقلال ليس الأموال أو الثروة، إنما القيم السامية التي كانت أساس تماسكنا وقوتنا وصانعة عمقنا الاستراتيجي.
لذلك يخطئ من يعتقد اليوم أن مشكلتنا هي في نقص مداخيلنا من البترول، ولا في عجز ميزانيتنا، لأن أسعار البترول قد ترتفع بعد حين والخزينة قد تمتلئ أيضا أكثر مما كانت عليه، ولكن مشكلتنا هي في ما أصبحت عليه منظومة القيم المهيمنة الفاسدة التي كادت تقضي على منظومة القيم الشعبية صانعة قوة ذلك المناضل البسيط أثناء الثورة وذلك المواطن المتعالي على سفائف الأمور بعدها.
مشكلتنا اليوم ليست مالية بالأساس كما يبرزها البعض في السقوط الحر لقيمة الدينار، والانهيار الواضح لأسهم الشركات، والضعف الأكيد في الإنتاج على كافة المستويات، إنما هي في ما نراه من هيمنة ظاهرة للقيم الهابطة، بخطابها، ورموزها الساعية إلى فرض صعود مزيّف لقيم  جديدة تقوم على تبرير نهب المال العام والبقاء في القمة مهما كانت الوسيلة واستصغار المواطن الشريف والنزيه...
هي ذي مشكلتنا الأعمق والتي ينبغي علينا منع تفاقمها، ثم القضاء عليها، من خلال ما بقي من مخلصين في هذا الوطن على كافة المستويات.. وينبغي ألا نظن أنهم قلّة، بل عكس ذلك تماما هم بعدد مَن مازال يسمع خطاب الرئيس الراحل ويتحرّك لديه إحساسٌ عميق بأنه لو كان "هو" ذلك المناضل البسيط وحمل "شكارة" المال من الونشريس إلى مغنية ولم ينقص منها فلس واحد... ألم نحس بذلك جميعا؟ إلا الأقلية الفاسدة والمهيمنة.. ذلك هو الأمل.

No comments:

Post a Comment