وأخيرا انطلقت تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" وعلى الرغم من الكلام الكثير الذي سمعناه عن التحضيرات التي اتخذت لهذه التظاهرة الدولية منذ 2012 تاريخ اختيار قسنطينة عاصمة للثقافة العربية سنة 2015، وعلى الرّغم من الملايير التي صُرفت لتغيير وجه المدينة إلاّ أن جولة بسيطة لفريق الشّروق كشفت الحالة الكارثية لأهم المعالم في مدينة العلم والإصلاح.
صُرفت الملايير لإنْجاح التظاهرة في المدينة التي انطلق منها الشّيخ ابن باديس في الإصلاحالديني والتربوي وإعادة ترميم الهوية الجزائرية بعد أن استهدفها الاستعمار الفرنسي، وكانأبسط اعتراف لجهود بن باديس في إنقاذ الهوية العربية والإسلامية من الضياع هو الاهتمامبإرث هذا العالم المصلح بترميم بيته وتحويله إلى متحف ليكون قبلة لزوار المدينة منالجزائريين ومن ضيوف الجزائر المتعطشين لرؤية معالم ذات علاقة بالشيخ ابن باديسالذي يعرفون الكثير عن جهوده في الحفاظ على العروبة والإسلام.
الصور التي وصلتنا عن الحالة الكارثية لبيت ابن باديس، تكاد تجعلنا نقول إن الإهانة كانتمتعمدة لهذا الرمز التاريخي، وإلا ما معنى أن يبقى البيت في تلك الحالة المتهالكة؟ والتيتعطينا انطباعا عن مستوى تفكير القائمين على التظاهرة توقف عند حدود التهيئة العامةللمدينة، دون الاهتمام برموزها التاريخية، فهل يكفي ذلك التمثال الحجري الذي أقيم للعلامةابن باديس أمام قصر الثقافة، والذي لا يشبهه أصلا لإعطاء حق هذا الرجل الذي لولا جهودهفي التربية والإصلاح لما فكرنا في أن تكون قسنطينة عاصمة للثقافة العربية.
من أشار للقائمين على التّظاهرة بصرف الملايير على قاعة تحمل اسما لا علاقة له بتاريخالمدينة وعمقها الحضاري لتكون هي قبلة التظاهرة ومركزها، ولا يمكن القبول بتلكالمبررات الملتوية للتسمية والتي تحيلنا إلى أصول مسيحية لها وما علاقة المسيحيةبتظاهرة للثقافة العربية، ولماذا يتم تجاهل المعالم التاريخية المرتبطة برائد النهضة،وعموما لا معنى لصرف الأموال على البنايات والواجهات إذا كانت قد أهملت تلك المعالم،كما أن المتأمل لشكل هذه القاعة والنّمط المعماري الذي شيدت به لا يكاد يجد له رابطا واحدامع العمارة التاريخية في المنطقة.
لا يمكن كسب احترام الغير وتقديرهم لثقافتنا إن كنا أول من يستهين بها ويهملها، ويكتفيبالجمال الظاهري الخالي من الرموز والإشارات الحضارية والتاريخية، وإلا "ما معنىلصرف الملايير على تظاهرة سميت" قسنطينة عاصمة الثقافة العربية"!
لــ رشيد ولد بوسيافة
لــ رشيد ولد بوسيافة
No comments:
Post a Comment