الإجراءات الحاسمة التي قام بها مدير مستشفى ابن باديس بقسطينية بتوقيف 23 منتسبا إلى المستشفى بين طبيب وممرض وعامل، بعد أن اكتشف صدفة أنّهم كانوا كلهم نياما في وقت كانوا مكلّفين بالمداومة برعاية المرضى والسّهر على راحتهم واستقبال الحالات التي ينقلها المواطنون إلى المستشفى.
والغريب في الموضوع أنّ ذات المدير اتخذ إجراءات مماثلة في حق أطباء وموظفين آخرينلذلت الأسباب، مما يؤكد أن الأمر لا يتعلق بحالة إهمال واحدة وإنما يتعلق بمنظومة إهمالموجودة في كل المؤسسات وعلى كل المستويات.
فعلا... فالحالة التي وجدها المدير في مؤسسته عندما قام بزيارة مفاجئة هي نفسهاالموجودة في أغلب المؤسّسات الاستشفائية الأخرى، وكل من نقل مريضا من عائلته ليلاوقف على هذه الحقيقة المرة، حيث تضيع حياة الكثير من المرضى بسبب يتعلق بالتقصيرعلى مستوى معين.
وعليه، يطرح السؤال عن الدّور الذي يقوم به المسؤولون على هذه المؤسسات، ولماذا لايقومون بزيارات مفاجئة؟ أو يتقمّصون شخصيات المرضى ويقفون بأنفسهم على معاناتهمفي مصالح الاستعجالات وباقي الأقسام في المستشفيات.
إنّ جولة واحدة داخل أحد المستشفيات كافية لأخذ صورة واضحة عن الطّريقة التي يتمالتعامل بها مع المرضى، حيث يغيب الاحترام والمعاملة الطيبة عكس ما هو موجود في دولأخرى حيث تتم مراعاة الحالة النفسية للمريض قبل الاهتمام بعلته الجسمانية وهذا أمر يكادينعدم في مؤسساتنا.
والأخطر من ذلك أنّ مستشفياتنا تحولت إلى مستنقعات تنقل الأمراض بدل علاجها، جرّاءحالة التسيّب والإهمال، واستقالة المسؤولين عن القيام بواجباتهم في الرّقابة ومحاسبةالمتهاونين في أداء مهامهم، مع أن الأمر يتعلق بحياة الناس وسلامتهم من الأمراضوالأوبئة.
إنّ الأمر لا يتوقّف عند المستشفيات والمراكز الصّحية، وإنّما ينسحب على كلّ مؤسساتالدّولة الأخرى التي تعشش فيها البيروقراطية وتسود فيها اللامبالاة، ويتسبب العاملون فيهافي ضياع مصالح المواطنين وإرهاقهم.
إنّ البيروقراطية وسوء التّسيير وغياب الرّقابة والمحاسبة هي السبب الرّئيسي في حالةالتخلف التي نعيشها في كافة المجالات، بل إن كل المآسي التي يعيشها المواطن سببهاتقصير قام به موظف ما في مكان ما، ولا أمل من الخروج من هذا الوضع الكارثي إلاّ بتفعيلالمراقبة والمحاسبة واتّخاذ القرارات العقابية مهما كانت قاسية، لأن ذلك كفيل بتحسينالخدمة العمومية التي أصبحت مع الوقت رديفا للرداءة.
لــ رشيد ولد بوسيافة
لــ رشيد ولد بوسيافة
No comments:
Post a Comment