يحاول البعض أن يهوّن من تلك الصّورة المفزعة لشباب يسخرون من تمثال الشيخ عبد الحميد بن باديس بوضع السيجارة في فمة أو الهاتف النقال في أذنه، ويقولون إن هذه السلوكات أخطاء عابرة من بعض الشباب المنحرفين، ولا يمكن سحبها على كل الجيل الجديد، ويستمرون في هذا التبرير المتفائل بالقول إن المشكلة تتعلق بالمكان الذي وضع فيه تمثال ابن باديس وسط الشّارع، وبالتالي كان عرضة لمثل هذه التصرفات الطائشة.
ليسمح لنا هؤلاء بالقول إنكم لم تفهموا رسالة "شباب الواي واي" الذين أرادوا أن يقولواإن ابن باديس لا يعني لنا شيئا، وإن رسالته التي يدّعي الكبار فهمها لم يصلنا منه شيء، بلإنّنا نعرف ميسي ورونالدو أكثر مما نعرف ابن باديس، وفي أحسن الأحوال كانت رسالتهمتقول: "الإهانة التي صدرت منكم في حق الشيخ ابن باديس أقبح بكثير من تصرفنا معالتمثال"!
لا توجد إهانة أكبر من تصميم تمثال من الحجر للشيخ ابن باديس الذي أفنى حياته في إعادةبعث الأمة الجزائرية بعد أن طمس الاستعمار عناصر هويتها، ولا توجد إهانة أكبر من وضعهذا التمثال في الشارع، ثم من هذا الذي تفتق ذهنه عن فكرة تجسيد ابن باديس في تمثالحجري دون الرجوع إلى عائلته الصغيرة، ودون استشارة عائلته الكبيرة المتمثلة في جمعيةالعلماء المسلمين التي كانت آخر من يعلم بالموضوع.
ولا يمكن التغطية على الموضوع بأن التمثال كان هدية من البرتغاليين، على أساس أنه ليسمن الحكمة رد الهدية، لكن كان على الأقل وضعه في مكان محترم داخل قاعة أو متحف حتىلا يتم "التشنيع" به بتلك الطريقة المتخلفة، التي أعطت انطباعا أن الجزائريين لا يحترمونرموزهم التاريخيين.
إنّ ما صدر عن الشّباب كان سوء تصرف مع الحجر أما ما صدر عن المسؤولين عنتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، فكان سوء تصرف مع الفكر، من خلال اختصارالقيمة الحضارية لرائد الإصلاح في الجزائر في كومة من الحجر، ويا ليتها نُحتت بطريقةفنية صحيحة، بل إن كل الانطباعات عن التمثال أكدت أنه لا يشبه ابن باديس على الإطلاقويبدو شيخا هرما مع أن الصورة المشهورة عن ابن باديس عكس ذلك تماما فضلا على أنابن باديس مات في سن الخمسين.
لــ رشيد ولد بوسيافة
لــ رشيد ولد بوسيافة
No comments:
Post a Comment