لأننا لازلنا نعيش على أي مناسبة كانت، لنحرك الجو الثقافي والاجتماعي
الساخن والساكن ظاهريا، فعيد المعوقين والشجرة، سيكونان بعد أيام، موعدا
لكثير من الشعارات "الفارغة" عن حقوق المعوق وحق الشجرة! مع أن ذوي الحاجات
الخاصة "مقطوعين من شجرة" التي هي الأخرى مقطوعة من غابة..التي هي الأخرى
محروقة أحقابا!
فمن يستند على من؟ ومن ينل حقه ومن لم ينل؟ ومن يحق له أنه يستحق
فاستحق ولم يستحق؟! فحقوق المرأة الموزعة هذه السنوات كيفما اتفق، فقط أن
نعمل بما تقوله لنا أمريكا! نفس الحال بالنسبة للشجرة والمعوق! نتغنى بحقوق
المعوق، فيما لا يجد المعوق حركيا حتى أدنى شروط تخفيف الإعاقة: تصوّروا
مكاتب للمعوقين في الطابق الرابع والثالث.. ومن دون مصعد! يطلع بالكرسي
المتحرك مع الدروج .."ليتكركب" عند الهبوط؟! حتى في بعض الأسواق ذات
الطوابق، تترك المصاعد فقط لنقل البضائع! البضاعة أحسن من البشر! في
الشوارع لا مكان خاص، في المراحيض نفس الشيء في الحافلات! لا أولوية لأحد
على آخر! قاع كيفكيف! قاع أولاد 9 أشهر! هكذا يبدو للمسئولين وحتى لبعض
المواطنين الأمر عندما يكون المعوق بحاجة لأن يمر الأول في سلسلة الانتظار!
المرأة نفس الشيء! نتزاحم خلف المرأة وفي نفس الطابور! وعندما تطلب لها
تعاملا خاصا باعتبارها أما وأختا وزوجة..قد تكون لك أو لجارك أو لأخيك مهما
بعدت الأخوة، فيرد عليك البعض بأنها أخذت حقها كرجل وأكثر، فيخصها حتى هي
"تدير لاشين مع الرجال، والخدمة العسكرية كما قاع الرجال".
نمت على هذه الحقوق المعلنة المهضومة، لأجد نفسي في طابور طويل لسحب ما "فليكساته" لي الوظيفة! مصيبة! تتعذب حتى في إخراج أمولك!
بقيت ساعة وربع حتى وصلت إلى نصف الطابور! نسبت نفسي ماذا كنت
أنتظر! أحيانا كنت أنام وأميل على امرأة عجوز أمامي! وأحيانا أتمايل على
شاب من خلف، فيدمرني لأميل على الشيبانية أمامي، فتردني بصندوقها الخلفي،
إلى الخلف بدون أن تكلمني! لما وصلت إلى القيشي، أغلق الموظف النافذة وقال
لي: ما بقاوش الدراهم!؟ ماذا؟ ومن بعد؟ أنتم بوشطة وبنكة ما بقاولكمش
الدراهم.. وأنا؟ راه باقين لي؟ وعلاش راني جي لهنا؟ باش نسلف لكم؟..قلت له
هذه الكلمات، بدا كأنه لم يسمعها، كأذنه في أذنه مش وقر..قودرون! أغلق أذنه
وصك الكشك وذهب يكمي رغم منع التدخين في الأماكن العمومية! قلت للشاب الذي
كان خلفي: الحمار يزيد يكمي الدخان! قال لي: شكون قال لك بللي هذا دخان،
ماراكش تشوف في القارو مدرًح؟.
كل من كان خلفي، قبل بالوضع وراح حتى تصل الفلوس، وإن لم تصل؟
عائدون! أما أنا فقد بقيت مسمرا في "بلاصتي" آكل نفسي وأنتف ما تبقى من شعر
"معاوية" في رأسي الأصلع كالتيمم، أمسح رأسي وأحوقل كأني أقيم صلاة في
غياب الماء! أما هم، فبدا لهم الأمر كأنه "نووورمال"! قلت لهم: في فرنسا،
هذا ما يصراش، ولو كان يصرى، تقوم القيامة! قال لي آخر في نهاية الصف: رانا
في الجزائر مش في فرنسا آآمحمد! قلت له: وأنت راه عاجبك الحال؟ قال لي: ما
عاجبنيش بصح هذا هو الواقع: الدارهم ما بقاوش، مشاو يجيبوا نستناو ساعة
وإلا ساعتين ما فيها والو! (آآآبويا راسي! بغيت نهبل، بغيت نطرطرق!)..مزقت
الشيك إربا إربا وخرجت ألعن فرنسا بنت الكلب التي خرجت ولم تعد!
وأفيق وأنا أتعرق من فطر غيض من فيض!
No comments:
Post a Comment