جادلت الأخت أسماء بن قادة – في ركنها الأسبوعي "في العمق" الذي تنشره في
جريدة "الخبر" – عن الأستاذ م.أركون، منتقدة كلاما صدر عن الأستاذ سالم
حميش، وزير الثقافة المغربي السابق، في حق الأستاذ أركون.
لقد بدا الأستاذ حميش في كلامه الجديد عن أركون مناقضا لنفسه، فبعدما
كان معجبا بأركون، مشيدا بفكره، "معلنا عن تنظيم مؤتمر لتخليد ذكراه
والاستفادة مما أنتجه من فكر"، إذا به يراه – في رأيه الجديد – أقل من
نظيريه حارسي الفكر الاستشراقي في المغرب العربي هشام جعيط التونسي، وعبد
الله العروي المغربي، الذي كان له مزية دفع الأستاذ مالك ابن نبي لكتابة
رسالته "إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث"، التي كتبها بعد
صدور كتاب عبد الله العروي "تاريخ المغرب..." نشرها أول مرة "مسجد
الطلبة"، - بجامعة الجزائر- وكان لي شرف كتابة عنوانها... والحقيقة هي أنهم
جميعا (جعيط وأركون، والعروي) ممثلون للاستشراق الفرنسي، ومروّجون له في
المغرب العربي، وأنهم ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل: "الطير يغني وجناحو
يرد عليه". وليس معنى هذا أنهم غير مصيبين في بعض ما ذهبوا إليه من
انتقادات للفكر "الإسلامي"، كما أن الذين انتقدوهم لهم نصيب من الحق، وهكذا
الناس "كلهم خطاءون"، "وكلهم راد ومردود عليه إلا سيد البشر" من عرب ومن
عجم – صلى الله عليه وآله وسلم – وأمثلهم من لم يصر على الحنث العظيم.
أخشى أن يكون رأي أختنا أسماء الحديث في الأستاذ أركون غير رأيها
القديم فيه، ويبدو أن رأيها الجديد لا ينطلق من قناعات فكرية، بقدر ما
ينطلق من اعتبارات نفسية، رغم ما يبدو عليه هذا الرأي من وجاهة، بسبب تناقض
الأستاذ حميش نفسه..
لم
يقدّر لي أن ألتقي الأستاذ حميشا، ولم أستمع إليه، ولكنني قرأت له كتابا
واحدا هو "الاستشراق في أفق انسداده"، وقد استفدت منه في بعض ما قلت وما
كتبت.. ولكنني استمعت إلى الأستاذ أركون في محاضرتين، ألقى إحداهما في
ملتقى الفكر الإسلامي في فندق الأوراسي، وألقى ثانيتهما في ملتقى الفكر
الإسلامي ببجاية، وقد أثارتا ردودا حتى إن الأستاذ محمد الأكحل شرفاء كتب
مقالا عن "اليوم المشهود" في الأوراسي، وهو "يوم أركون". وقدّر لي أن ألتقي
مع الأستاذ أركون على مائدة عشاء أكرمنا – أركون والعبد لله- بها الأستاذ
محمد زايدي في منزله بباريس، وكان نائبا لسفير الجامعة العربية هناك في
1987. ورغم أن الأستاذ أركون تذكرني بوصفي له في تعقيب لي بأنه "حوته مطلية
بالصابون" لمراوغاته، فإنه كان لطيفا، ظريفا، وإن بدا منه سلوك "غير سوي".
وشكرا للأخت أسماء على جهودها.
No comments:
Post a Comment