ربما تكون الشقيقة المغرب قد استثمرت تجربتها المكتسبة حين اعتذرت عن
استضافة كأس أمم افريقيا بداعي الوقاية من وباء "ايبولا" لتعتذر اليوم
ببراعة عن استضافة القمة العربية، واستظهار نفس الحجج التي قُدِّمت
لـ"الكاف" أو هي أقرب.
من أسباب اعتذار المغرب كما تدّعي خارجيته: "التحديات
التي يواجهها العالم العربي اليوم" ولأن القمة العربية "لا يمكن أن تشكل
غاية في حدّ ذاتها، أو أن تتحوّل إلى مجرّد اجتماع مناسباتي" غير أن المغرب ـ وكما حصل مع الكاف ـ لم تعلن مقاطعتها لقمّةٍ تقول عنها: "إنها ستكون
مجرّد مناسبة لإلقاء خطب" وكأنّ المغرب واثق في قدرة الشقيقة موريتانيا
على تطويق أعراض "ايبولا" خُطب القادة العرب، كما كان واثقا في قُدرة غينيا الاستوائية على حماية القمة الكروية الإفريقية من وباء "ايبولا".
مقدّمة أعراض "ايبولا العرب" ظهرت جليّة في اجتماع وزراء الخارجية
العرب الأخير بـ"تزكية" دبلوماسي تئق، مئق، رشحه نظامٌ عربي نافق، أعيد
تدويرُه لتولي رئاسة أمانة الجامعة، ربما لأن السيد أبو الغيط، وزير خارجية
مبارك، يمتلك أكثر من غيره خبرة سير المنافقين في جنائز الكيانات النافقة،
ولا يعنيه أن يكون الأمين العام الذي تُقبر في عهده الجامعة في نواقشط بمن
حضر ومن غاب، وهو يعلم مثل المغرب الغياب المؤكد لأبرز حكّام العرب، من
بلد بلا رئيس مثل لبنان، ويمنٍ غارق في الحرب الأهلية، وليبيا ذات القرنين،
وعراق فاقد لثلث أرضه ولكثير من عرضه، وأمراء خليجيون قد طووا صفحة
الجامعة بعد أن استنفدوا دورها في تغطية أكثر من عدوان غربي على العرب،
وعدوان أعراب على عرب ومستعربة.
بهذه الخلفية لا يحقّ لأحدٍ شجب قرار الشقيقة المغرب، التي لم يكن
بوسع ملكها رئاسة قمة عربية نجماها البارزان المتوقعان: إيكيليلو داونين
رئيس جزر القمر، ثالث أصغر دولة إفريقية مساحة، وسادس أصغرهن من حيث تعداد
السكان، بأقلّ من رُبع قاطنة العاصمة الاقتصادية المغربية الدار البيضاء،
وحسين شيخ محمود رئيس الصومال (الخاضع لحماية جيرانه الأفارقة من شغب شباب
الصومال) حتى وإن كان صاحب "الجلالة" لم يكن ليستبعد حضور السوداني عمر
البشير، الذي بات يترصّد المناسبات العربية والإسلامية للخروج من السودان
والعودة إليه بأمان من ملاحقة محكمة العدل الدولية.
من هو أفضل من أبي الغيط، والتئق المفارق لاتحاد المغرب العربي
الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لإمامة جنازة جامعة الأعراب في بلاد النوق
نواقشط، التي لها على الأقل أربعة معاني شائعة: "مكانٌ تكثر فيه الصدفات"
أو "مراعي مالحة" أو "مكان تعصف فيه الرياح" وأخيرا "مكان أصحاب
الأذان المصلومة"، وهي المعاني التي تليق بمن يحضر من ذوي الآذان المصلومة
من القادة العرب، وبمن يغيب منهم عن قمّة جامعة نشأت كصدفةٍ فارغة في
مراعي مالحة، تعصف فيها الرياح بدويلاتٍ نافقة، فلا يشفع لها حتى المعنى
الخامس، الذي يقول باللهجة الحسانية: إن "نواقشط" هي "المكان الذي تُرى فيه
النوقُ وهي تَرعى على شاطئ بحر الظُّلمات".
No comments:
Post a Comment