مع غياب المعلومة الصادقة من أطراف محايدة، يمكن التسليم جدلا بالفرضية
التي يروج لها إعلام "الماينتسريم" الغربي وملاحقه العربية والإسلامية،
والتي تقول إن (تنظيم الدولة، والنصرة، والقاعدة وكثير من الفصائل التي
تعمل تحت رايات جهادية بناصية صادقة أو كاذبة) هي مشتقات لصناعات أمريكية
غربية إسرائيلية، نسلم بذلك جدلا، فلا نماري كثيرا في وصفهم بـ "المرتزقة"
المجندين بالمال الخليجي، والسلاح الغربي، والتدبير الصهيوني، لتنفيذ
برنامج الشرق الأوسط الأمريكي الصهيوني بالمناولة والمقاولة من الباطن، بعد
أن استعصى على جيش (بوش ـ بليرـ بريمر) وعلية "النيو كومب" الحالمة بقرن
أمريكي جديد يمتد لألف عام.
الذي لا يقرأ التاريخ وسيرة الإمبراطوريات القديمة قد تختلط عليه
الأمور، فيميل بسهولة إلى تصديق الروايات الرسمية والإعلامية أو تكذيبها،
يتبع منها المتشابه ابتغاء الفتنة أو ابتغاء التأويل، لا باتباع واحدة من
أدوات المعرفة المؤتمنة: المعلومة الصادقة، أو التحليل العقلاني، وكلاهما
إما مغيب أو غائب، فهو مغيب بلا ريب من جهة المعلومة، وغائب من جهة
التحليل، حتى حين تتوفر الإرادة الطيبة وسط هذا الإغلاق العالمي الرهيب
لوسائل إعلام روّضت واستدرجت بالكامل إلى فراش الإمبراطور، وهي عنده أهون
من ذوات الرايات في جاهلية العرب، أقلهن سوء من اضطر سرا إلى نكاح الخدن،
أو من استحل نكاح المضامدة بداعي "العين بصيرة واليد قصيرة".
فحال القاعدة وتنظيم الدولة والمشتقات ـ حتى مع تصديق الرواية ـ
ليس أسوأ من "المرتزقة البرابرة" الذين استعانت بهم الإمبراطورية الرومانية
لقتال "شعوب البرابرة" قبل أن تسقط الإمبراطورية على يد "البرابرة" من
مرتزقتها، فكان برابرتها هم من هزم "برابرة" أتيلا قبل أن يسقطوا سنة 476 م
آخر امبراطور روميلوس أوغيستوس كان يحمل بالصدفة نفس اسم مؤسس روما.
على الطرف الآخر، فات بعضهم أن خمس الجيش الفرنسي مسلمون، ومثله
في الجيوش الأمريكية، والبريطانية، والروسية، قاتلوا إخوانهم في الملة في
مالي والعراق وأفغانستان وسورية، هم في تقدير الضحايا وأسرهم محض
"دواعش"، ومن بقايا جيش العراق: ثلث انخرط في جيش بريمر، وثلث
التحق بتنظيم الدولة، والباقي يعتاش في ميلشيات الحشد، والكل يقتل الكل،
بعد توصيفه بـ "الداعشي"، أو بـ "جيش بريمر العميل" أو بـ"الحشد الشيعي"
والقتل واحد، بنَفَس بربري متوحش واحد، لا أقل ولا أكثر من وحشية مرتزقة
روما من البرابرة، أو من خصومها من شعوب البرابرة: القوطيون والفرانك،
والساكسون، والجرمان أجداد بوش، بلير، كامرون وهولاند .
الآن وبعد مرور
1540 سنة على سقوط روما، لا تحتاج أكثر من استبدال عبارة "المرتزقة
البرابرة" بما تشاء من مسميات "داعش" إن صدقت رواية التصنيع أو الاصطناع،
لتنتقل بأريحية إلى استشراف مآل الإمبراطورية الأمريكية وهي تحاكي كالقرد
الجدة روما، بإدارة قتال "البرابرة" بـ "البرابرة" لأننا عند بوش كما عند
أوباما مجرد "برابرة" سواء قاتل بعضنا تحت راية سوداء، أو كر آخرون تحت
راية صفراء، مع الدولة أو ضد "الدولة" هذا إن وجدت أصلا دولة للمسلمين منذ
أن سقطت غرناطة على يد برابرة القوط، وهدمت بغداد بمعاول البرابرة المغول.
No comments:
Post a Comment