هذه الكلمة "النّيجلانيّون" نسبة إلى "كائن" خلقه الله – عز وجل – بشرا
سويا، ولكنه فضّل أن يكون بعمله شيطانا مريدا، إنه ماريسيل إدموند نيجلان،
الذي عُيّن حاكما عاما على الجزائر من سنة 1948 إلى سنة 1951...
ولد هذا الشخص في 1892، كان ذا نزعة
"يسارية"، وشارك في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، وقد عمل أستاذا
في مدرسة المعلمين في استرازبورغ، التي انتخب نائبا لرئيس بلديتها..
في الحرب العالمية الثانية (1939-1945) رأى بأم عينيه كيف ولى
الجيش الفرنسي مدبرا أمام الجيش الألماني، ولم يصمد أكثر من أسبوعين، فتحيز
نيجلان إلى ما يسمى "المقاومة" التي قادها دوغول..
وقد تولى نيجلان – بعد انتهاء الحرب – وزارة التربية، ثم عين
واليا عاما على الجزائر، ولكنه لم يلبث فيها طويلا (1948-1951)، وقد ترشح
للإنتخابات الرئاسية في فرنسا (1953) فخسرها. (كان النظام السياسي الفرنسي
آنذاك نظاما برلمانيا، حيث ينتخب البرلمان رئيس الجمهورية)، وقد توفي
نيجلان في عام 1978. وقد كان رغم "يساريته" من أشد المنادين بالجزائر
فرنسية، ومارس في سبيل ذلك أعمالا وحشية استنّ فيها بمن سبقوه من المسؤولين
الفرنسيين، وكان مثلا لمن جاء بعده منهم...
لكن أهم شيء اشتهر به هذا "الكائن" هو تزوير الانتخابات، ونال في
ذلك "قصب السّبق"، وقد أصبح "إماما" يأتمّ به كل مزوّر للانتخابات، حتى
صارت كل انتخابات مزورة "ستعرف في كل أنحاء العالم باسمه". (عقيلة ضيف
الله: التنظيم السياسي والإداري للثورة. ص 137). "انتخابات على طريقة
نيجلان". لقد تجلى عمل هذا "الكائن" في تزوير الانتخابات التي جرت في
الجزائر في سنة 1948 لانتخاب ما سمي "المجلس الجزائري" (البرلمان)، وبلغت
المهازل في هذا الانتخابات إلى درجة أن "تمّ فتح مراكز انتخابية في بيوت
بعض الأعيان...وأصبح الغش والتزوير الانتخابي ظاهرة مستفحلة". (حورية مايا
ابن فضة: الجزائر في عهد الحاكم العام نايجلان ص 217). و"كانت الإدارة تملأ
الصناديق الانتخابية مسبقا، وكما تشاء، أو تقدم محاضر النتائج عشية
الانتخاب، وأثناء الفرز يؤتى بصناديق جديدة مملوءة بأصوات أغلبيتها الساحقة
لفائدة مرشحي الإدارة الفرنسية". (المرجع نفسه ص 226).
وعندما كثرت الاحتجاجات على تلك الانتخابات، قال أكابر المجرمين
في باريس "لقد كان لنا الاختيار بين انتخابات "يزيّفها" الميصاليون
وانتخابات يزيفها الحاكم العام فاخترنا الثانية". (عقيلة ضيف: مرجع سابق ص
140). وقد وصفت بعض الصحف تلك الانتخابات بأنها "كاريكاتور محزن".
لقد تجلى عمل هذا "الكائن" في تزوير
الانتخابات التي جرت في الجزائر في سنة 1948 لانتخاب ما سمي "المجلس
الجزائري" (البرلمان)، وبلغت المهازل في هذه الانتخابات إلى درجة أن "تم
فتح مراكز انتخابية في بيوت بعض الأعيان...أصبح الغش والتزوير الانتخابي
ظاهرة مستفحلة".
تذكّرت هذا الطاغية الفرنسي، الذي سبق أن مثّل بلاده في منظمة
اليونيسكو، التي ترمز إلى العلم والثقافة والقيم الإنسانية النبيلة كالحرية
والكرامة... تذكّرته عندما قرأت تصريحين للناطقين الرسميين باسم الحزبين
اللذين احتكرا "الوطنية"، كما احتكر غيرهما "الديمقراطية" و"التقدمية"
و"الإسلام"....
قال الناطق باسم الحزب "العتيد": "تزوير الأرندي للانتخابات
التشريعية والمحلية سنة 1997 لم يسبق له مثيلٌ في تاريخ الجزائر، بل إني
أقول إن هذا الحزب تجاوز التزوير وفق مفهومه القانوني إلى القيام بأكبر
عملية سطو على إرادة الناخبين". (الخبر 1/3/2016 ص 3) وقال الناطق باسم
الحزب الذي "ولد بشلاغمو" وفي "يده الكلاش": "نحن أيضا لدينا ما نقوله في
انتخابات 2002، التي شهدت تزويرا منقطع النظير". (الخبر 1/3/2016 ص3).كان
يفترض أن يكون الوارثون لنيجلان من بني جلدته، ولكن الوقائع تدل على أن بعض
الجزائريين هم "الوارثون" لنيجلان، وقد اعترف هذان الناطقان – والاعتراف
سيد الأدلة – على بعضهما..
إن الأمر لا يخرج عن أحد احتمالين، فإن كان الناطقان الرسميان
صادقين في اتهام بعضهما، والقرائن تدل على ذلك، فقد شهدا على نفسيهما
بأنهما "مزورين" و"القانون يعاقب المزورين"، وإن كانا كاذبين فهما وحزباهما
"مجروحين" باصطلاح المحدثين، ولا يقبلون لا للشهادة ولا للحكم...
كنا نظن أننا استرجعنا الكرامة في 1962، ولكننا تبيّنا بعد أمة،
وبعدما "راحت السكرة وجات الفكرة" أننا استبدلنا غشا بغش، وتزويرا بتزوير.
إن
الأمر لا يخرج عن أحد احتمالين، فإن كان الناطقان الرسميان صادقين في
اتهام بعضهما والقرائن تدل على ذلك، فقد شهدا على نفسيهما بأنهما "مزورين"
و"القانون يعاقب المزورين"، وإن كانا كاذبين فهما وحزباهما "مجروحين"
باصطلاح المحدثين، ولا يقبلون لا للشهادة ولا للحكم..
إنه ليحزنني أن يكون بعض إخواني ممن يشملهم حديث رسولنا – صلى
الله عليه وسلم – "من غشنا فليس منا"، والله نسأل أن يرزقنا الصدق في
الأقوال، والإخلاص في الأعمال. ولنعلم جميعا أن هذه الدنيا التي نرتكب من
أجلها كثيرا من المحرمات "لا تساوي عند الله جناح بعوضة".
يكتبها محمد الهادي الحسني
No comments:
Post a Comment