يكتبها محمد الهادي الحسني
أنا،
وأعوذ بالله من كلمة أنا إلا في الحق، ممن لا يفرقون بين فرنسي وآخر،
وإمامي في ذلك هو الإمام الإبراهيمي في قوله: "وإلى الآن لم يرزقنا الله
حاسة ندرك بها الفرق بين فرنسي وفرنسي.." (آثار الإبراهيمي.. ج3 ص95). و
مع ذلك فبعض الفرنسيين أقل سوءا من بني جلدتهم، إن لم يكونوا في الأعمال؛ فعلى الأقل في الأقوال التي تذهب مع الريح..
من هؤلاء الفرنسيين الأقل سوءا من قومه موريسْ فْيوليت، أحد
الحكام الفرنسيين في الجزائر، الذي كان يعطي الجزائريين من طرف اللسان
"حلاوة"، ولا يعترض على تَعَرُّضِهم لشمس بلادهم، واستنشاقهم هواءها. وقد
اشتهر ببرنامجه الذي يدعو فيه إلى إعطاء "بعض الجزائريين بعض الحقوق". وقد
كتب كتابا عنوانه: "هل سَتَعيشُ الجزائر؟". (Algérie vivera_t_elle ?)،
ناصحاً فيه قومه أن سياسة القهر التي ينتهجونها ضد الجزائريين لا تذهب بهم
بعيدا في بقاء حلمهم المسمى "الجزائر الفرنسية"، الذي "لا يبقى" في رأيه
إلا بمعاملة الجزائريين « les indigènes » معاملة قريبة من معاملة الحيوانات... و"يلعن اللّي يْحَبّْ فرنسا".
وأما عمارة ابن يونس فأشهر ما اشتهر به لَعْنُ الجزائريين الذين
لا يحبون "سياسته"، إذا كان "التملق" -لـ(...) قاعدا وقائما وعلى جميع
الهيآت- يسمى "سياسة"؛ وكثرة جداله بالباطل لإزالة جميع العراقيل التي
"تعرقل" بيع الخمر في الجزائر رغم أنف الشعب الجزائري المسلم، الذي ينسب
إليه ابن يونس حِزْبَهُ المسمى "الحركة الشعبية"... ولازِمَةُ ابن يونس
التي يغطي بها "سَوْأَتَه" كلما أُحرِج في مسألة بيع الخمر هي قوله: "لست
إماما"، "لست مفتيا". مع أن "أجهل" عجائزنا يعلم أن الخمر "خامْجَة" ونجسة،
وحرام... وملعون شاربها، وعاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه...
إن الأمر الذي جعلني أجمع في هذه الكلمة بين فيوليت وابن يونس هو
خبرٌ عثرت عليه في مجلة "الشهاب" التي كان يصدرها الإمام ابن باديس، وهذا
الخبر منشور في عدد جويلية من سنة 1931، ص 487.، يقول الخبر بالحرف "قدم
موسيو موريس فيوليت، الوالي العام الأسبق عريضة قانون لمجلس الشيوخ الفرنسي
فيها جملة من الإصلاحات التي يرى وُجوبَ إدخالها سريعا على البلاد
الجزائرية، ومن جملة هاتيك الإصلاحات أنه يقترح عدم السماح بفتح محلات بيع
الخمور في كل بلاد "الكومين ميكْسْتْ"، أي البلديات الممتزجة بالقطر
الجزائري، ولا يَخْفى أن بلاد "الكومين ميكْسْتْ" هي الآهلة بنوع خاص
بالعنصر الإسلامي..".. وقد علقت مجلة الشهاب على ذلك الخبر قائلة:
"فحبَّذَا لو أن مجلس الشيوخ ومجلس النواب يوافقان على الفصل المشار إليه
من هذا القانون، وحبَّذا لو يقع تنفيذه بصفة فعالة حقيقية، لا بالصفة التي
يُنَفَّذ بها قانون تحجير بيع الخمر للمسلمين بالبلاد التونسية". أما
تعليقي فهو أن بعض "النصارى" خير من بعض "المسلمين"، وأدعو جماعة "ابن
صالح" و"العربي ولد خليفة" أن يفعلوا مثل ما فعل موريس فيوليت ولو من باب
الدعاية التي يسميها بعض الجزائريين "التيبْليسيتي" أي « publicitée ».
وفي أيام ما يسمى "الجمعية الجزائرية" قدم النواب الوطنيون مشروعا
لسن قانون يمنع بيع الخمر للجزائريين، فاعترض عليه "نائب مسلم" تحت شعار:
"الحرية هي مبدئي في الحياة"، وهو الذي كان ضد حرية بلده وشعبه، والغريب
أنه كان عضوا في اللجنة "الدينية" التي كان يرأسها من سماه الجزائريون
"سيدي ميشال".
No comments:
Post a Comment