حكاية انهيار الدينار على أيدي الأورو والدولار، لا تختلف كثيرا عما يحدث
للخزينة العمومية بسبب أزمة البترول، والحال أن الخبراء مازالوا غارقين في
التنظير والفلسلفة بعيدا عن منطق اقتراح الحلول والبدائل القابلة للتطبيق،
وليس تلك الموجهة للتجميد في الثلاجة!
تحليل الحكومة لا يختلف كثيرا عن تحليل الاقتصاديين، من حيث
التخويف و"الترجيف"، لكن لو اجتمع الطرفان، حول طاولة واحدة، تكون مشابهة
مثلا لقمة الثلاثية أو الرباعية، لربما عثروا على مخرج النجدة ولو بالصدفة
أو عن طريق "الزمياطي" وضرب خط الرمل!
يا حسراه عندما كان الدينار بشلاغمو.. عبارة يرددها بلا تردّد
وبكلّ تعدّد، أطياف الجيل القديم من آبائنا وأجدادنا، فيُروى والعهدة على
الراوي، أن "الدورو" كان أغلى من الأورو، أو ما كان يسمى آنذاك بـ"الفررو"،
وعندها كان الجزائري قويا ومحترما بجيبه وعملته!
الآن، الدينار تحوّل لعدّة اعتبارات مالية واقتصادية، إلى رزمة
"كواغط"، لا حاجة بها لمرافقتك إلى خارج البلاد، اللهمّ إلاّ من أجل
التونـّس بها والتمتع بتلك الصور الجميلة التي تعيدنا إلى ذكريات لا يُمكن
نسيانها ولا ينبغي تناسيها بأيّ شكل من الأشكال!
الدينار المسكين، حتى عندما يقصد المسافر الجزائري شباك الصرف على
مستوى المطار الدولي مثلا، فإنه يصطدم بطابور طويل من البشر والشجر
والحجر، كلّ ينتظر دوره لبيع قنطار من الدينار بورقة أو ورقتين من الأورو
والدولار، وهذه هي الطامة الكبرى!
ولأن الدينار مسكين فعلا، فإن الموظف في الشباك، عندما يصل دورك
في الطابور الفوضوي، يُفاجئك بسلسلة من الشروط لتبديله بأبخس الأثمان،
فيطلب منك دون سابق إنذار، تذكرة السفر، ونسخة من ورقة الحجز الالكترونية،
وتصوّر أيها الدينار كيف أن من يُريد بيعك بالدوفيز، ليشتري علب شيكولاطة،
يسيل عرقه بحثا عن ناسخة، لكنه لا يجدها في المطار، فيتراجع عن بيع ديناره
ويُسافر به بدل دوفيزهم!
هذا هو الواقع المرّ: 120 أورو مقابل نحو 15 ألف دينار جزائري،
وهذا بالسعر الرسمي، أمّا إذا قصدت سهوا أو بشكل اختياري أو اضطراري سوق
"السكوار" لبيع وشراء الدولار والدولار بالدينار، فإنك ستبكي الدم بدل
الدمع، وتتأكد أن الصوردي "راح في كيل الزيت"، فالله يرحمها ويتغمدها
برحمته الواسعة ويُسكنها فسيح جناته ويُلهم ذويها جميل الصبر والسلوان!
No comments:
Post a Comment